من يتابع تصريحات بعض السياسيين والنواب والمواقف التي تستهل بها نشرات الأخبار في بعض محطات التلفزيون يتخيل أن الحكومة مضى على تشكيلها ثلاث سنوات بالقياس للأسئلة التي تطال إتهام الحكومة بالبطء في بلورة خططها والحلول التي ستعتمدها للمشكلات ونجاحاتها في مواجهة المستجد من المشاكل
لم يمض على تسمية رئيس الحكومة ثلاثة شهور تكتمل في 19 آذار ولم يمض على صدور مراسيم الحكومة أربعون يوما بعد ولم يمض على نيل الحكومة الثقة التي إستكملت خلالها شرعيتها الدستورية سوى أسبوعين ويومين صارت بعدها حكومة شرعية دستورية ، ولم يمض على بدء الشكوك بوصول فيروس كورونا إلى لبنان سوى عشرة أيام ، وخلال مهل كهذه كان رئيس الحكومة المكلف سواء كان إسمه سعد الحريري أو تمام سلام أو فؤاد السنيورة أو نجيب ميقاتي يمضي وقته ببرود وهدوء ويعتبر أنه يقوم بالواجب لإستكمال شروط تشكيل حكومة خلال مهلة معقولة وكان الذين يطالبون الحكومة اليوم بأن تكون قد إمتلكت كل الأجوبة على الأسئلة التي تسببوا هم بوجودها وتحويلها إلى مشكلات مستعصية خلال ثلاثين سنة ، يدعون لمنح الرئيس المكلف الوقت الكافي لتشكيل حكومته ويدعون البلد للإنتظار ويصفون كل مطالب بقليل من السرعة بداعي المسؤولية بالتعدي على صلاحيات رئيس الحكومة الذي لم يلزمه الدستور بمهلة للتشكيل
أزمات مستعصية كالكهرباء والدواء والملاك البحرية والجياية الضريبية والتهريب الشرعي وغير الشرعي لم تطرح بوجه الوزير المختص قبل سنة من تسمله مهام وزارته ، بينما صدرت أحكام مبرمة على وزير الصحة خلال عشرة أيام وبات هناك من يدعوه للإستقالة بداعي الحرص على صحة الناس بينما نظرة نحو فرنسا وإيطاليا ومقارنة الأداء اللبناني بهما من خلال النتائج تتيح القول بالحد الأدنى أن ليس في لبنان ما يدعو للهلع
أقل ما توصف به معايير بعض السياسين والنواب والإعلام هو الكيد والإستعمال السياسي الفئوي والضيق لقضايا تستحق التعامل معها بوطنية خصوصا أن المتحدثين من السياسيين لهم سوابق حكومية وسلطوية في صناعة الأزمات وليس حلها والإعلام المتنمر على الحكومة ووزرائها له تاريخ من الترويج لسواها وطول البال على بعض آخر
هذا لا يعني أن الحكومة ستنال العلامة الإيجابية على أدائها بل ربما تفشل وتسقط في الإمتحان لكن العلامة المنصفة تكون قد صدرت في مهلة مناسبة وعادلة وتمتلك المصداقية عندها