إتفاقات أفغانستان تفتح باب الانسحاب الأميركي من المنطقة ...وباب الصراع على الميراث
سورية وقوى المقاومة لمواجهة الغزو التركي وسراقب خط أحمر...واسبوع حاسم
دياب يسعى لإنضاج حضانة فرنسية مصرية لحكومته ...بإنتظارواشنطن والخليج
كتب المحرر السياسي
مع توقيع الاتفاق رسميا بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقيادة حركة طالبان ، وما نصت عليه من تعهد بالإنسحاب الأميركي الشامل من أفغانستان ، حيث أكبر وجود عسكري أميركي قياسا بالخليج والعراق وسورية ، تظهر إدارة ترامب مشروعها الذي تخوض الانتخابات الرئاسية في ظله ، وعنوانه لا حروب جديدة ولا تزخيم للتواجد العسكري في المنطقة ، بل فتح لباب الانسحاب ، ما يلاقي العنوان الذي رفعته إيران وقوى المقاومة بإخراج القوات الأميركية من المنطقة ، لكن العنوان الذي يفتح أبواب التسوية مع إيران وقوى المقاومة على خلفية مغادرة المنطقة في ظاهره ، يفتح عمليا الباب لحروب الميراث على التركة الأميركية ، حيث يشهد العراق الإستعصاء الحكومي تعبيراعن هذا الصراع الذي يحتل فيه المكون الكردي دورا مفصليا ، وتسعى دول الخليج ليكون لها دور وحصة ، بينما تصر قوى المقاومة بعدما تكرس التحالف مجددا بينها وبين السيد مقتدى الصدر إلى تضمين أي تحالف نيابي وحكومي الدعوة للإنسحاب الأميركي من العراق ، كما يمكن وضع الصراع الذي تشهده سورية ويبلغ مراحل عالية الخطورة في ضوء التصعيد التركي ، بصفته وجها آخر للصراع على ما بعد الانسحاب الأميركي ، الذي تريد تركيا بدعم من واشنطن الحصول على النصيب الرئيسي من عائداته ، بينما يدخل كيان الاحتلال انتخابات الكنيست للمرة الثالثة بدون خارطة طريق واضحة لمستقبل تشكيل حكومة جديدة ، بعدما تآكلت نسبة المشاركة المتوقعة ، بعد إعلان صفقة القرن ، بسبب ما تركه فيروس كورونا من جهة ، وبسبب تراجع حماسة أبناء المناطق المحتلة العام 48 للمشاركة بعد مشاركتين لم تحملا إلا الخيبات من مواقف المتنافسين في الانتخابات من جهة مقابلة .
الدولة السورية ومعها حلفاؤها في قوى المقاومة ، ينظرون للمواجهة من زاوية مختلفة ، فالأرض أرض سورية والسيادة سورية والتحرك التركي العسكري فوقها هو إحتلال أجنبي مرفوض ، والعمليات العسكرية التركية الداعمة للجماعات الإرهابية تجعل هذا الاحتلال هدفا مشروعا مرتين ، ولذلك لا مكان للسياسة في هذه الحرب على قاعدة التسويات ، والمكان الوحيد المتاح هو للمواجهة ، وفقا لما قالته مصادر في محور المقاومة ، التي قالت أن مدينة سراقب في هذه المواجهة تشبه مكانة ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية ، وستكون خطا أحمر غير قابل لمساومة ولا للتراجع مهما كانت التضحيات ، وأن مواصلة العمل لتحرير المناطق التي تستهدفها العملية العسكرية السورية في جبل الزاوية أمر لا رجعة عنه ، وأضافت المصادر أن الدعم الروسي متوافر ولا مشكلة فيه ، وأن التفاهم السوري الروسي واضح من المواقف الروسية المعلنة والسلوك الميداني للقوات الروسية يؤكد ذلك ، وآخر الكلام ما قاله وزير الدفاع الروسي بعد إعلان الجيش السوري حظر الطيران في المنطقة الشمالية الغربية لسورية ، عن عدم القدرة على ضمان أمن الطائرات التركية ، وتوقعت المصادر معارك عنيفة خلال الأسبوع المقبل ، يسعى خلالها الرئيس التركي لتغيير الخطوط الجغرافية القائمة قبل لقاء القمة الذي يسعى إليه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، وتثق قوى المقاومة والقيادة السورية من قدرتها على منعه من تحقيق أهدافه وتكبيده خسائر فادحة ، تجعله مضطرا للبحث عن مخارج من مأزقه عن غير طريق التصعيد ، خصوصا في ظل تنامي الأصوات الداخلية المناهضة للحرب .
الغياب الملفت كان عربيا عموما ومصريا خصوصا ، كما كان الموقف الفرنسي الذي دأب على مهاجمة الرئيس التركي بسبب إبتزازاه لأوروبا بقضية النازحين ، مرتبكا بسبب علاقة المخابرات الفرنسية مع جبهة النصرة من جهة وحرصها على عدم الظهور بموقف إيجابي علني من الدولة السورية من جهة موازية ، بينما الموقف المصري الذي شكل مع السعودية والإمارات ثلاثيا لمواجهة ما وصفه بالخطر التركي ، فقد بقي حائرا في ظل صمت سعودي إماراتي يخشى من الإتهام الأميركي بالتقرب من دمشق ، فيما تقف واشنطن ولو سياسيا وراء الموقف التركي ، والسؤال الطبيعي الذي يطرح على الموقف المصري عن ترجمة مفهوم الأمن القومي حيث تقف تركيا على حدود مصر مع ليبيا وتتقدم بغزوها للأراضي السورية ، أو الإقليم الشمالي كما في مفردات الجيش المصري ، بينما بيد مصر إسقاط كل حجج الرئيس التركي حول طمأنة النازحين والمعارضة بالإنضمام لعملية أستانة ، ومصر ليست حليفا لإيران ، وعلاقة إيران بتركيا افضل من علاقتها بمصر ، فماذا لوقالت مصر أنها جاهزة بالتنسيق مع الدولة السورية لتسلم مناطق الإنتشار التركي وتقديم الضمانات لفصل الإرهاب عن المعارضة وضمان أمن النازحين ؟
الموقفان الفرنسي والمصري على موعد مع تظهير الحد الأدنى من التمايز حيث لا خطوط حمراء أميركية أو خليجية ظاهرة ، وهو ما سيقوله كل منهما عن دعم حكومة الرئيس حسان دياب ، الذي يراهن على حضانة مصرية فرنسية لحكومته بإنتظار نضج الموقفين الأميركي والخليجي ، وتتولى مصادر مالية ودبولوماسية رصد الموقفين المصري والفرنسي وتقييمه قبل المواعيد التي يسعى رئيس الحكومة لتثبيتها لزياراته الخارجية ، فيما قال مرجع دبلوماسي رفيع أن تراجع فرنسا ومصر عن لعب دور إيجابي سيعني أن القرار الأميركي الذي تلتزمه حكومات الخليج أيضا يبلغ مرحلة متقدمة بإتجاه المجازفة بخيار دفع لبنان نحو الإنهيار ، بينما تنصرف الحكومة في همومها وإهتماماتها خلال الأسبوعين القادمين لبلورة خططها المالية والإقتصادية ، والتوثق من صحة وسلامة إجراءاتها للحد من إنتشار فيروس "كورونا" .
2020-03-02 | عدد القراءات 16442