حروب صغيرة : العراق والنفط
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
ناصر قنديل
- تحت سقف الإمتناع الأميركي الروسي عن التورط في حرب كبرى ، درات حرب صغرى لشهر كامل في الشمال السوري قبل إقرار الرئيس التركي وكيل الحرب الأميركية بهزيمته أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإعلان تفاهم موسكو الذي يكرس إنتصار الجيش السوري المدعوم بقوة من روسيا ، وتحت سقف الإمتناع عن التورط في حرب كبرى دارت حرب صغرى لشهرين كاملين في أفغانستان ، قبل التوصل للإعلان الأميركي عن إتفاق مع حركة طالبان يتضمن الإلتزامبالإنسحاب الأميركي ، وهو إعلان موجه للجانب الإيراني الذي وقف ، بصورة لا تحتاج لكثير من التحليل لإثباتها ، وراء جولة التصعيد الحاسمة في أفغانستان بعد الإغتيال الأميركي للقائد الإيراني قاسم سليماني .
- ثمة حربان جديدتان تبدآن الآن ، واحدة إسمها حرب النفط ، وثانية إسمها حرب العراق ، ومثلما كانت حرب الشمال السوري وحرب أفغانستان ، على صلة مباشرة بالخطوط الساخنة للمخارج السياسية في رسم التوازنات وترصيدها في السياسة ، تبدو حرب النفط وحرب العراق كذلك ، فالتفاهمات لم تنضج بعد ، ولو كان السياق التبادلي للرسائل قائما ، فعلى الساحة النفطية من الواضح أن السعودية التي خاضت حرب الأسعار بوجه موسكو خلال سنتين ماضيتين لتغيير موقفها من الحرب على سورية ، وتخديما للسقوف الأميركية في هذه الحرب ، تدفع اليوم ثمن قرار روسي بزيادة إنتاج النفط يستهدف تثبيت خفض الأسعار مستفيدا من الركود الاقتصادي ، والهدف ليس السعودية ، بعدما أعلن وزير النفط الروسي عن زيادة نص فمليون برميل من الإنتاج يوميا والتأقلم مع سعر للبرميل بين 25 و30 دولارا ، وهو السعر الذي يعني وقف القدرة الأميركية على إنتاج النفط الصخري ودخول السوق العالمية لتسويقه ، وفيما يبدو الرد السعودي برفع الإنتاج الإغراقي للأسواق صبا للماء في الطاحونة الروسية تدخل البورصات الخليجية حال الإنهيار ، وتفقد الموازنات الخليجية القدرة على تغطية النفقات المقدرة على سعر برميل بعادل 60 دولارا ، بينما تستفيد أوروبا والصين واليابان كدول صناعية تستورد النفط ، وهو ما لاتستطيع أميركا الشراكة فيه بإعتبارها من البلدان المنتجة والمستهلكة في آن كحال روسيا ، مع فارق الخسارة الميركية لنفط الصخري كمنتج يدخل السوق العالمية منافسا ، صار اليوم خارج المعادلة لكلفته العلى من سعر السوق النفطية ، والتسوية التي ستخرج من نهاية الحرب ستقرر مصير السواق الأوروبية في الغاز وخرائطها ، التي تتمسك روسيا بالحفاظ على الدور القيادي فيها ، بينما تكون دول الخليج قد تكبدت ثمنا باهظا بطلب أميركي لا يعترف بتعويض الخسائر .
- في حرب العراق التي تفجرت بعد عودة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شامخاني إلى بلاده ، ورسمه لخارطة تفاهمات تطال الحكومة العراقية الجديدة ومستقبل الوجود الأميركي في العراق ، تبدو محاولة أميركية لمقايضة حكومة جديدة توافقية بتخفيض الوجود الأميركي بدلا من الإنسحاب ، كما كان العرض الأميركي قبل حرب الشهرين الأخيرين في أفغانستان ، وإقتناع الأميركيين بأن ثمن الدفاع عن مطلب البقاء تحت شعار التخفيض لا الانسحاب هو حرب كبرى ، وهذا السيناريو سينتظر الأميركيين في العراق ، ومع العملية الأولى التي قتلت وجرحت عددا لا يمكن إخفاؤه من الجنود الأميركيين ، على القيادة الأميركية التي ردت بقصف مواقع للحشد الشعبي أن تقرر هل ترد على الرد بمثله ، وسيكون عليها رد بالتأكيد ، وتدخل حرب إستنزاف كالتي عاشتها في أفغانستان قبل التسليم بخيار الانسحاب ، أم تذهب للرد على إيران كما هددت من قبل ، وهي تعلم أن الرد الإيراني سيكون قاسيا ، والرجح أن تكون أهداف حيوية إسرائيلية من ضمن أهدافه ؟
- حروب صغرى تحت سقف تفادي الحرب الكبرى تعني أن الإنسنحاب الأميركي آت كما في حال أفغاستان ، والحرب الكبرى تعني أن مصير "إسرائيل" سيكون على الطاولة ، والسنة الرئاسية الأميركية معه على المشرحة ، ولا يحل الأمر هنا تعجرف في تغريدات الرئيس الأميركي والتذكير بالزر الكبير ، المهم هو القرار الكبير ، بالحرب أو بالإنسحاب عاجلا أم آجلا .
- ترامب يبيع ويشتري ، والسوق اليوم للإنتخابات ، وسيشتري أصوات مؤيدي إسرائيل بأنه جنبها الإستهداف ، كما سيشتري رئاسته بتجنب مواجهة مكلفة وتشكل قفزة في المجهول طالما حاول تفاديها .
2020-03-12 | عدد القراءات 16134