ناصر قنديل
- الكلام عن وجود وصفة جاهزة لدى صندوق النقد الدولي للدول المتعسرة ليس إختراعا من حزب الله ولا من بعض اليساريين المتحمسين ، فصندوق النقد الدولي والخبراء العاملون معه يفاخرون بتوصلهم لهذه الوصفة ، والذين يروجون للصندوق كمخرج حتمي من أزمات كانوا شركاء في صناعتها ، لا يحلقون بعيدا عن السعي لفرض هذه الوصفة عندما يتحدثون عن الصندوق ، أما تبعية الصندوق للسياسات الأميركية فأمر لا يستحق الجدال ، لأن لا الصندوق يعتبرها تهمة تستحق النفي ، ولا الأميركيين يرون الأمر مبالغة في تقدير كون الصندوق أحد أدوات الإخضاع الأميركي للدول من بوابة الإستثمار على أزماتها ومفاقماتها لجلبها إلى بيت الطاعة من بوابة الصندوق .
- النتيجة الطبيعية لأي نقاش لفكرة اللجوء إلى صندوق النقد الدولي ، هي الرفض من جانب أي قوة وطنية ، في أي بلد ، والتركيز من القوى الوطنية على كشف المسؤوليات التي أخذت بلدهم نحو الإنهيار المالي عبر الفساد والسياسات الإستتباعية والريعية البعيدة عن أي مضمون إقتصادي إنتاجي أولا ، وإجتماعي ينظر للطبقات الفقيرة وإحتياجاتها ثانيا ، ثم الدعوة لخطة نهوض وطنية تبدأ بالإمتناع عن سداد الديون ، وتستثمر على مصادر القوة في الإقتصاد الوطني ، خصوصا أن الدعوات للجوء للصندوق تبدأ من بوابة الحديث عن كونه المنقذ من خطر الإمتناع عن سداد الديون ، وإعتبار وصفاته المسماة تخفيفا لدورها التخريبي ، بالمؤلمة ، ممرا حتميا لتلافي السقوط ، وكل قوة وطنية بعد الفوز بمعركتي تحميل مسؤولية الإنهيار للسياسات الخاطئة والفساد ، من جهة ، ومن جهة مقابلة ، حسم قرار الإمتناع عن السداد ، تتجه نحو وضع بلدها لخطة نهوض إقتصادية ، وبعد هذا تضع خطتها وقد إنتزعت فوزها في معركة الإستقلال الوطني المالي ، من بوابة تكريس حقها بالإمتناع عن السداد ، والإستعداد للهيكلة الرضائية ، وعندها ومن موقع القوة والإستقلال تنفتح بلا عقد على مناقشة خطتها مع كل الجهات المالية الدولية ، بما فيها الصندوق ، لستفيد من كل فرص متاحة ضمن شروطها .
- هذه هي المنهجية التي تعامل من خلالها حزب الله مع قضية صندوق النقد الدولي ، ففي مرحلة ما قبل حسم المسؤوليات وقرار الإمتناع عن السداد ، رفض الدعوة للجوء للصندوق كمدخل للبدء بالسداد وقبول وصفة الصندوق الجاهزة ، وبعدما سلم الذين هولوا على لبنان بمخاطر الإمتناع بأنهم فشلوا ، ولم يعد اللجوء للصندوق تسولا لوصفة لتفادي خطر موهوم من عدم السداد ، ودخلت الحكومة مرحلة إعداد خطتها للنهوض الإقتصادي ، خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، ليقول ، لبنان المستقل بقراره والمحمي بمقاومته ، لا يخشى أن يعرض خطته على الصندوق وغير الصندوق ن ويرحب بكل دعم لها ، وبكل شروط تطال مكافحة الفساد وتدعو للإصلاحات الهيكلية لإدارات الدولة ، ولا تطال ثوابتنا السيادية ولا فقراء البلد ، ولا ترتبط بضرائب تطال ذوي الدخل المحدود .
- توصيف رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب لعدم سداد اليوروبوند ، بمعركة الإستقلال ، وقيادته لمقاومة وطنية إقتصادية ومالية ، إستحق ثقة المقاومة لتحريره من كل خطوط حمر مفترضة ، لأن لبنان القوي والمستقل قادر على إدراك اين ومتى ينفتح ، حتى على مؤسسات تديرها واشنطن ، ويستكشف عبرها وعبر تفاعلها ، حدود ودرجة الموقف الأميركي من خطر الإنهيار المالي في لبنان ، ودرجة الضغط من الباب المالي لفرض شروط تمس السيادة .
2020-03-14 | عدد القراءات 14102