عودة المغتربين والبعد الاجتماعي مسؤولية الدولة نقاط على الحروف ناصر قنديل

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

  • المعطيات المتوافرة حتى الآن أن الصيغة العملية المتاحة لعودة المغتربين الراغبين بالعودة ، مشروطة بتحمل هؤلاء أكلافا مادية لا تتناسب إلا مع الطبقة الوسطى منهم وما فوق ، حيث كلفة بطاقة السفر تزيد عن خمسة أضعاف سعرها الطبيعي في ظروف عادية ، وكلفة الإقامة الفندقية لفترة الحجر تشبه أسعار المواسم ، فعندما يكون سعر بطاقة السفر المقترح من أفريقيا أكثر من 1800 $، وسعر الإقامة المقترح 80 دولار لليلة الواحدة ، أي 1200 $  لخمسة عشر يوما ، فهذا يعني أن كلفة الفرد العائد هي 3000 $ يجب أن يقوم هو بتأمينها ليتسنى له العودة ضمن الخطة الحكومية ، وعندما يكون الأمر متعلقا بعائلة من خمسة أفراد يصير المبلغ المطلوب هو 15000 دولار ، فهذا يعني أن البعض في لبنان يعيش وهم الإعتقاد أنه عند الحديث عن الإغتراب فالأمر يتعلق بأكياس مال ، وكأن ليس بين هؤلاء فقراء ، بينما أغلبيتهم تمتنع عن المجيئ صيفا إلى لبنان لأنهم لا يملكون ثمن بطاقة السفر العادية بمئات الدولارات ، وأنهم هاجروا لأن سبل الحياة ضاقت بهم في بلدهم ، وراحوا يرتضون شظف العيش ومصاعب شروط العمل لتحصيل ما يمكن أن يؤمن الحد الكريم من العيش لعائلاتهم .
  • لا نريد مناقشة شركة طيران الشرق الأوسط والحسابات التي حكمت تسعيرها لبطاقة السفر ، ولا الفنادق التي تتبنى أسعارها جهات حكومية تقول أنها وفرت للعائدين خيار الإقامة في فنادق بسعر 80 دولار لليلة الواحدة إن رغبوا ، بل نريد التوجه للحكومة بكل مستويات المسؤولية المعنية فيها بترجمة قرار فتح باب العودة للمغتربين الراغبين ، فسوق الطيران في العالم والفنادق في لبنان ليست محصورة بالخيارات التي تم إعتمادها ، سوق الطيران تشهد ركودا هائلا وقاتلا ، وشركات الطيران تبحث عن فرص عمل ، ويمكن ببساطة مع رقم تقديري إجمالي للعائدين وتوزيعهم نسبيا على جهات العودة ، إستدراج عروض من شركات عالمية جاهزة للمنافسة ، والمعروض يقارب الألف رحلة موزعة على ثلاثة شهور ، لنقل قرابة المئة ألف راكب ، للحصول على أفضل الأسعار والشروط ، وسنكتشف أن الكلفة ستنخفض إلى الربع وربما أكثر ، ومثلها فلنفتح الباب للراغبين من الفنادق الصغيرة والمتوسطة المنتشرة في الجبال والأرياف ، ونختار أفضلها بخيارات متعددة منتشرة في كل المحافظات يتم إعتمادها ويترك للعائدين إختيار ما يناسبهم ، وسنكتشف المثل من نتائج ذلك على مستوى تخفيض الكلفة ، وعندها فليعد الراغبون بطائرات الميدل إيست إذا رغبوا ، وليكن أمام اللبنانيين الذين لا يمكلون ترف هذا الإختيار بديلا واقعيا ممكنا تقدمه الدولة من موقعها مسؤوليتها الاجتماعية .
  • تقول تجربة الأمن العام اللبناني في ملف المصارف والذي بنتيجة دوره كان التوصل للتعميم الخاص بصغار المودعين عن مصرف لبنان ، أن المسؤولية عن الأمن الاقتصادي والإجتماعي التي ينيطها القانون بالأمن العام ، ليست عبثا ولا مجرد كلام ، فهي تجد طريقها للتطبيق عندما يكون على رأس المديرية شخص مسؤول بمواصفات رجل دولة ، وفي ملف عودة المغتربين يشكل الأمن العام شريكا رئيسيا وطبيعيا ، فلتسند إليه مهمة التفاوض على تأمين شبكة نقل بأسعار ملائمة وتأمين شبكة إيواء مماثلة منها ما هو مجاني كالأديرة والمؤسسات الاجتماعية وبعض المنتجعات الرياضية الفارغة ، ومنها ما هو مدفوع بأسعار مختلفة تراعي الشرائح الاجتماعية المختلفة ، توضع بتصرف العائدين تعبيرا عن تحمل الدول لمسؤوليتها .

2020-04-04 | عدد القراءات 16056