ليس رجل الدولة هو الذي يملك عصا سحرية لحل المشاكل والذي يملك علما موسوعيا شاملا لكل مجالات عمل الدولة ويستطيع أن يقدم حلولا ناجزة لكل مشاكلها ، ولا هو المسؤول الذي لا يخطئ ، إنه ببساطة المسؤول الذي لاتتحكم بخياراته إلا القناعات والضمير بقياس كيف يمكن أن يخدم فكرة الدولة ويعبر عن مصالح المواطن ، غير متاثر بمصلحة خاصة ، أو بمحسوبية ، أو بعصبية لطائفة أو منطقة .
قد يكون المسؤول غير مرتبط بمصلحة شخصية خاصة في ممارسة مسؤوليته لكنه يقيم حسابا لمن لهم مصالح مع الدولة في قراراته ويعتبر ذلك جزءا من مسؤوليته ، وقد لا يكون متعصبا لطائفة أو مذهب أو منطقة لكنه يقيم حسابا لمواقف الذين يعبرون عن هذه العصبيات ، وقد يكون مؤمنا بخدمة فكرة الدولة ومصلحة المواطن لكنه يراها من خلال نظرة تضع في حسبانها المصالح الشخصية للبعض والعصبيات الطائفية لبعض آخر .
يمتاز رئيس الحكومة بما قاله أمس أنه ظهر كرجل دولة لا يقيم حسابا لهذه المصالح وتلك العصبيات ، أي أنه بصراحة لا يتطلع لتزعم طائفية معينة تحجز له مقعدا في السياسة ، بل يمارس السياسة بمفهومها الراقي كمسوؤلية عن المواطنين ، وهنا معركة كبرى مع عقليات معاكسة لهذا المفهوم موجودة في الموالاة والمعارضة ، لكن الشعب يبدو في حال تعطش لقيادة مترفعة كما ظهر دياب ليسندها ويدعمها ويمنحها الثقة .
بقوة هذه الثقة ننتظر المزيد من الرئيس دياب ، وبمناسبة إعلان البنك الدولي عن الإستعداد لتأجيل مشروع سد بسري وسواه من القروض ، وفتح الباب لإنفاق مخصصاتها على إنعاش العائلات الفقيرة والشركات الصغيرة ومواجهة تداعيات كورونا ، ننتظر قرارا شجاعا من دولة الرئيس بالتفاوض مع البنك الدولي لتعديل وجهة القروض المخصصة للبنان ، وتأجيل مشاريع البنى التحتية لحين الخروج من المحنة التي تعصف بلبنان ، فالأولوية كما حددها الرئيس دياب للبشر وليس للحجر ، على أهمية توفير المياه التي يعد بها مؤيدو مشروع بسري .