قد تكون العقوبات الأميركية على كوريا الشمالية المبنية أصلا على عدم إعتراف أميركي بدولة كوريا الديمقراطية الشعبية ، بعد حرب ضروس كانت بين الأميركيين والكوريين لسنوات ، هي التي تسبق بالبشاعة والقسوة العقوبات التي تفرضها واشنطن على سورية ، والتي تعادل وتوازي العقوبات المفروضة أميركيا على إيران والتي ترتبط بنزاع أميركي إيراني علني معلوم العناوين والمواضيع ، وتبقى العقوبات على سورية وحدها دون موضوع معلن ومفسر في علاقات الدول ، فليس بين سورية وأميركا أي نزاع سوري أميركي بالمفهوم الدبلوماسي للعلاقات الدولية .
الأزمة التي تكشفت عن حرب معلنة لإسقاط سورية منذ العام 2011 ، شهدت عدوانا أميركيا على سورية وليس العكس ، ولم تكن عنوانا يفسر المزاعم الأميركية بمبررات العقوبات ، وعندما تم تقديمها سببا تم ربطها مرة بقبول الحكومة السورية الإنخراط في عملية سياسية تحت راية الأمم المتحدة بهدف الوصول إلى حل سياسي ، ورغم تواصل العملية منذ سنوات لم تغير واشنطن في مسار العقوبات إلا تصعيدا ، وفي سياق الأزمة التي تكشفت حربا ، ربطت واشنطن العقوبات بالسلاح الكيميائي السوري ، ورغم وجود إطار أممي يشرف على إنهاء هذا الملف لم تتحرك العقوبات إلا صعودا .
الأزمة الإنسانية التي يمثلها زحف وباء كورونا وما تفرضه من إستثناء الملفات الصحية والطبية من التاثر بالملفات السياسية ، لم يحرك العقوبات الأميركية على سورية إلا صعودا ، وكل تفكير بسيط سيكتشف أنها آخر ما تبقى بيد واشنطن للتفاوض على مكتسبات لصالح أمن إسرائيل ، الذي كان في الأصل سبب الحرب التي قادتها واشنطن على سورية ، وترغب واشنطن ، بعكس كل ما تفرض تتوقعه القيم الإنسانية والأخلاقية ، وما تعبر عنه المواثيق الدولية ، بأن تشكل أزمة كورونا سببا لمزيد من الأذى الإنساني بحق سورية ما يدفعها لقبول هذا التفاوض .
سورية صمدت وتصمد ولن تركع وستتخطى المحنة كما تخطت غيرها من محن .