من بين المواقف التي سارعت لمساندة حاكم مصرف لبنان ، ولو بطريق التشكيك والتساؤلات غير البريئة أو دعوات التعميم ، بوجه الأسئلة التي وجهها إليه رئيس الحكومة يلفت الإنتباه طرفان ، حزب القوات اللبنانية وناشطون في إنتفاضة 17 تشرين منهم من كانوا أكثر الناشطين وضوحا في تحميل سياسات الحاكم مسؤولية الإنهيار باسم شباب المصرف ، ومعلوم أن القوات تشكل أقصى اليمين السياسي اللبناني وشباب المصرف يمثلون أقصى اليسار ، وقد إلتقيا على معادلة مضمونها، كي تكون مساءلة الحاكم في مكانها يجب أن تشمل لائحة من مئة بند .
القوات كانت تقود داخل المجلس النيابي وخارجه حملة إتهام ودعوة لمساءلة الحكام خصوصا في النقاط التي طرحها رئيس الحكومة بصيغة أسئلة إتهامية ، ويصل التشابه بينهما إلى حد التطابق ، ولم تكن تتبنى لائحة المئة بند التي تطالب رئيس الحكومة بتبنيها اليوم كشرط للمساءلة ، وشباب المصرف كانوا يهتفون ويرددون مواقف وشعارات تستقيم مع السئلة التي درحها رئيس الحكومة ولم تكن تشترطها بالمئة بند التي طالبته بها .
عندما تسأل عن سبب عدم الإعلان عن التوافق مع رئيس الحكومة ، طالما هو يقول بما سبق وقالوا ، أو يلاقيهم بما يفترض أنهم يعتقدونه صحيحا ، يكون الجواب بعيدا عن جوهر مفهوم السعي للحقيقة والإنحياز مع أو ضد الفعل ، وقوعا مبالغا به في التسييس وهو الإنحياز مع أو ضد الفاعل ، وليس الفعل .
ليس مهما أن يقول البعض أن رئيس الحكومة يعبر عن فريق معين أو ينفذ سياسات فريق معين ، فتلك إتهامات في غير مكان البحث عندما يتصل الأمر بتقييم الفعل ، فهل الفعل والقول في مكانهما ، وإن كانا كذلك فالتخلي والإبتعاد عن قول الحقيقة والإنحياز ضد ما يفترض أنه حق يعني أحد امرين ، إما أن المواقف السابقة للفريقين كانت مناورات غير جدية وضعتها مواقف رئيس الحكومة تحت المجهر أو أن ولاءات أكبر من طاقة الفريقين على معاندتها طلبت إليهما موقفا ينافي الحقيقة والحق ففعلا ، وفي الحالين ما فعلاه هو النفاق بعينه وهكذا يتم فقدان المصداقية .