نصرالله : لا مناخ تصادمي في البلد نقاط على الحروف ناصر قنديل
ناصر قنديل
كل القضايا المهمة التي تناولها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، سواء في ملف الأزمة الاقتصادية المالية وخطة الحكومة ، أو في مواجهة الغلاء ، أو في توضيحاته حول قطاعي المصارف والصرافين ، ما كانت لتكون ، لو لم يكن لدى السيد نصرالله ، ما وصفه بغياب مناخ تصادمي يضع أولوية إسقاط الحكومة على جدول أعمال معارضيها ، ما يتيح وفقا لكلام السيد منح الفرصة إن لم يكن التعاون ممكنا ، ولو كان مرغوبا ومطلوبا ، ولولا هذا التقدير لما بلغ الأمر بالسيد نصرالله أن يعرض إستعداد الحزب للعب دور المسهل والميسر لعلاقات التوتر بين الأطراف والزعامات ، نافيا بين سطور كلامه ، إتهام الرئيس سعد الحريري للحزب بدعم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في وجه الحريري ، ووفقا للسيد فإن الدول قد لا تملك المناخ ولا الإمكانات لتساعد لبنان ، إن أرادت ، وهي حكما لا تملك مثلها لتصديعه وتفخيخه ثم تفجيره إن ارادت ، والأهم أن القول بأن الجميع منشغل بتداعيات كورونا وإنخفاض أسعار النفط ، هو الأصح ، وليس ما أوحت به بعض المواقف التي تزامنت مع جولات السفيرة الأميركية ، وبنيت عليها إستنتاجات وتحليلات تتحدث عن دنو ساعة التصادم الكبير ، الدولي الإقليمي المحلي ، مع حماية الغالبية النيابية وفي طليعتها حزب الله ، لحكومة الرئيس حسان دياب .
بعد شهور من المناخات التصادمية المحيطة بمناخات الإقليم ، في ضوء المستجدات التي أعقبت إغتيال القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس ، والتي جاءت ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة في قلبها ، وجاء الإستقطاب السياسي الداخلي على خلفيتها ، من موقع التأثر والتأثير المتبادلين ، جاء وباء كورونا وما خلفه وراءه من تداعيات أصابت العالم بأسره ، وخصوصا المركزين الدولي والإقليمي المناوئين للمقاومة ، من واشنطن إلى الرياض ، وبينهما تل أبيب ، وصار السؤال بداية ، إلى أي مدى تتواصل مكابرة الرئيس الأميركي في الإقرار بأن شيئا قد تغير ، ثم بعد الإقرار والإعتراف بحجم المأزق ، صار السؤال عن حدود التغيير الذي سيصيب السياسات الأميركية فيالمنطقة ، وفي قلبها كيفية تعامل حلفاء واشنطن والرياض مع الحكومة التي سارع بعضهم لوصفها بحكومة حزب الله ، لجعلها تحت مجهر التصويب ، وجاءت جولات السفيرة الأميركية ، وتصريحات معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر لتزيد الغموض والأسئلة ، وجاءت المعارك الداخلية حول سياسات حاكم مصرف لبنان وطرحت في سياقها فرضية إقالته ، ووسط هذا الصخب الكبير ، تواصلت الإعتداءات الإسرائيلية ، رغم بقائها بين حدود تسجيل الحضور وتفادي المواجهة ، وخرجت التحليلات والفرضيات تتحدث عن أمر عمليات لإنشاء جبهة معارضة تتولى إسقاط الحكومة والعهد ، وصولا لإستهداف المقاومة عبرهما ، وأخذ البعض يتحدث عن السيناريوات الإفتراضية لحرب إسرائيلية قادمة ، تستظل بالجوع والفوضى ، وتستثمر على إصطفافات جديدة تضم مجموعات من الحراك جرى توضيبها أميركيا ، وثلاثي تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي ، وها هو السيد نصرالله يقول بالوضوح الكامل ، لا تقلقوا ليس هناك مناخ من هذا النوع ، رغم كل الصخب ، أما التوترات القائمة فهي نابعة من إعتبارات لبنانية تقليدية ، كالنفوذ والسلطة ، وليس بينها ما يتصل بما يسمى هوية النظام وشكل النظام .
من هنا تستمد دعوات السيد نصرالله للحوار ولمد الجسور مصداقيتها ، ومن هنا يصير للدعوة لمناقشة الخطة المالية والإقتصادية للحكومة الباقي حتى إشعار آخر بعيد ، معناها ، ومن هنا يصير لدعوة الحكومة للتصرف بخلفية أنها باقية لتواجه إستحقاقات التفويض الممنوح لها لمواجهة الأزمة ضمن ضوابط معلومة ، أهمها النقاش عند كل محطة وإستحقاق ، بما في ذلك ، وخصوصا في هذا النقاش ، حاصل التفاوض مع صندوق النقد الدولي ، ولأن التفويض ليس مطلقا والخطة ليست نهائية ، فباب الحوار مع الكتل النيابية والقوى السياسية يجب أن يبقى مفتوحا بإيجابية ، وحاصل التوافق هو الأهم للبنان ، لأن خطر التجاذب والإستقطاب والتصعيد سيطيح بفرص الإنقاذ المحفوفة بالصعوبات والمخاطر والتي تفوق طاقة الحكومات ، ولذلك يصير لدعوة الحكومة لتحمل مسؤولياتها في مواجهة الغلاء ودعوتها لمعالجة سعر الصرف ، مكان واقعي ، لأن لا معارك كبرى في السياسة وراء الباب ، فليس هناك أمر عمليات خارجي داخلي لإطاحة الحكومة يجد حزب الله نفسه معنيا بالإعداد لمواجهته ، ولا هناك بالمقابل قرار لدى الحكومة يؤيده حزب الله ويحميه لإطاحة الخصوم سواء من بوابة مكافحة الفساد أو من باب التعيينات ، ولأن الأمر كذلك ، وكل فرضيات الحديث عن إنكسار العلاقة بين حزب الله وحركة أمل نابع من هاتين الفرضيتين ، فرضية هجوم الخصوم أو فرضية هجوم الحزب وحلفائه ، فإن نفيهما يكفي لنفي النتيجة .
هكذا يفسر لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالنائب السابق وليد جنبلاط ما قاله السيد نصرالله ، بمثل ما يفسر كلام السيد موقع اللقاء .