في سياق قراءة المسار التراجعي الذي فرض حضوره على سياسات الحروب الأميركية ، في ظل ثلاثية ضعف المقدرات ، وغياب فرص الضربة الخاطفة والنصر الحاسم ، والعجز عن تأمين تفويض شعبي وسياسي كافيين لخوض حرب طويلة ومكلفة ، بقيت خانة فارغة لفرضية متهورة قد تلعب برأس الرئيس الأميركي المتهور دونالد ترامب وقد يزينها له جنرالاته .
الفرضية التي تحدثنا عنها سابقا هي التفكير بالذهاب لحرب على فنزويلا ، في ظل قراءة خاطئة تفترض أنها خاصرة رخوة ، وأنها ضعيفة إلى حد لا تحتمل معه الصدمة الأولى للإشتباك ، وأن كلفة الحرب عليها محدودة ، وأن الرأي العام السياسي و الشعبي في الداخل الأميركي قد تمت تعبئته لحد يجعل من الحصول على التفويض لخوض الحرب أمرا ممكنا .
ترامب الذي يشعر بفرصته الرئاسية في الولاية الثانية تتراجع ، في ظل فشله في إثبات الأهلية لخوض المواجهة مع وباء كورونا ، ويشعر بحبل الأزمة الاقتصادية وحركة الإفلاسات والبطالة يلتف حول عنقه بعدما كان حبل نجاته وفقا لخطته الانتخابية ، لم يتورع عن إختبار هذه الضربة المغامرة عساها تكون ضربة حظه في تحويل وجهة الإستقطاب قبيل الانتخابات عن الجانب الأسود في حال الأميركيين وربطهم لهذا السواد برئاسة ترامب ، وفي حسابات ترامب فرضية أن يحقق نصرا يباهي به ويرفع عبره رصيد النقاط في إستطلاعات الرأي .
قيام وحدات بحرية كولومبية بقيادة أميركية مباشرة بمحاولة إنزال على شواطئ فنزويلا ليس إلا واحدة من مناورات تمهيدية للقرار المتهور الذي يدرسه ترامب ويستعد لخوض غماره خلال الشهور الفاصلة عن الانتخابات ، بينما التصدي البطولي لشعب وجيش فنزويلا وحال الجهوزية التي أظهرتها المواجهة ليست إلا الرسالة الجوابية الأولى التيتقول أن فنزويلا ليست مكسر عصا وأن الفشل سيكون مصير كل محاولة للتنمر على فنزويلا عسكريا ، أو التفكير الجدي بالحرب عليها ، أو الرهان على إضعافها وإذلالها عبر التهويل بالحرب .