مجزرة حلبا ليست ذكرى كتب ناصر قنديل

كتب ناصر قنديل

  • يعتقد الكثيرون أنه يمكن التعامل مع مجرزة حلبا التي سقط فيها أحد عشر شهيدا في ظروف عدوان همجي وحشي على مدنيين عزل ، قبل إثنتي عشر سنة ، هو واحدة من أعمال العنف الأهلي التي يجب طيها بين ذكريات الحرب الأهلية المؤلمة ، متخذين من الهوية القومية لشهداء المجزرة سببا كافيا لذلك .
  • يتجاهل هؤلاء ولا يجهلون ، أن مجزرة إرتكبت بدم بارد وليس الأمر إشتباكا مسلحا ، فالقوميون لو كانوا بسلاحهم لما تمكن منهم القتلة أصلا ، وأن هويتهم القومية لا تجعلهم كمواطنين مدنيين أهدافا مشروعة لعصابات إرهابية مسلحة ، مهما كان الحديث عن أجواء مشحونة لتبرير عمل إرهابي شنيع ، لأن التغاضي عن المجزرة سيفتح الباب لمثيلاتها في كل مناخ مشحون ، فيقتل المدنيون على الهوية الحزبية أو الفكرية أو الطائفية أو المناطقية والذريعة مناخ مشحون ، وتصير النصيحة التي يمكن إستنتاجها من كلام التجاهل الجاهل للتداعيات هي إحملوا أسلحتكم معكم كي لاتذهبوا ضحايا مجزرة على الهوية .
  • يتجاهل هؤلاء ولا يجهلون أن الحديث يدور عن مجرزة تم إرتكابها بعد قرابة عقدين من نهاية الحرب الأهلية وفي ظل تحمل مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية مسؤولية الأمن ، وحماية السلم الأهلي ، وفي ظل وجود قضاء ينظر بالجرائم الإرهابية ولا يزال بين يديه متهمون في قضايا عمرها من عمر مجرزة حلبا ، وتجاوز أو إهمال المتابعة المسؤولة للمجزرة وملاحقة مرتكبيها ومن سهل لهم ووفر لهم الغطاء تسكل طعنة في الصميم لثقة اللبنانيين بقدرة الدولة بمؤسساتها كافة على حمايتهم وتسيئ للمؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية وموقعها المرجعي في حياة اللبنانيين ، ودعوة للتفكير بزمن اللادولة ودعوة ضمنية للبنانيين لتحصيل حقوقهم بأيديهم لأن دولتهم أضعف من أن تفعل ذلك .
  • جاءت الجرائم الإرهابية التي عمت المنطقة خلال السنوات الماضية لتؤكد أن نموذج مجزرة حلبا المكرر هو برنامج وليس نزوة غضب ومناخات تشنج ، والإقتصاص من القتلة يشكل الرادع الأهم والضامن الأساس لتحصين لبنان بوجه هذا البرنامج الإرهابي الدموي الذي تسبب بالخراب والدمار حيثما حل وتجذر ، والمشروع قائم ولا يزال حاضرا ينتظر فرصة مناسبة  .
  • الدولة كلها على المحك ، والقضاء في الطليعة قادر على حماية فكرة الدولة وأمن المواطنين .

2020-05-11 | عدد القراءات 17187