التشظي اللبناني ...والفوضى اللبنانية كتب ناصر قنديل
كتب ناصر قنديل
لا يمكن أن يتخيل المرء أسبابا أكبر من التي يمر بها لبنان للتساؤل عن الحالة التي تستحق بنظر القيادات السياسية التمييز بين الوطني والسياسي ، إن لم تكن الأسباب القائمة كافية لفعل ذلك ولبنان تحت وطأة خطر إنهيار حقيقي وإفلاس حقيقي وجوع حقيقي والودائع التي جمعها اللبنانيون خلال عمرهم قد تبخرت والليرة التي تجمع بين وراتبهم ومصادر دخلهم تذبل وتضمحل والأسعار في ارتفاع جنوني ونسير نحو الإنهيار بكل إندفاع وبدلا من فرملة الإندفاع نزيده سرعة بالخلافات والكيديات وانتظار السقوط ، فلم يبق لكلمة التضامن الوطني معنى ، وللشعور بالمسؤولية وجود ، وفقدت الكلمات الجاذبة مثل مكافحة الفساد ودولة القانون قدرتها على الإبهار ، وصار كل ما حول اللبنانيين يدعوهم لليأس والإحباط .
المشهد السياسي لا يحمل مؤشرات القدرة على تجميع المقدرات وحشدها لمواجهة الأزمة ، وكلما زادت الأزمة تفاقما ستضعف القوى أكثر وأكثر وتتشظى ، بيما هي تنتظر بعضها لتقارن من كانت خسارته أكبر ، فيحتفل البعض بخسارة البعض الآخر دون إنتباه أن المركب يغرق بالجميع ، وفي ظل التشظي السياسي والسجالات المفتوحة ، وتفكك القوى وتشققها ، تنهار الليرة فتضعف قدرة مؤسسات الدولة على الصمود عندما لايعود بمقدور موظفيها خصوصا في الأسلاك العسكرية والأمنية تأمين قوت أبنائهم ، ويرتفع الغضب وتتسع المواجهات ، وتتربص قوى خارجية بالبلد لحجز موطئ قدم بكلفة رخيصة ، ولبنان على المتوسط ميزة لمن يحجز فيه مقعدا .
بالتوازي الفوضى اللبنانية ليست سياسية وإقتصادية بل هي شعبية أيضا ، فما شهدناه في ملف تفشي وباء كورونا في اليومين الماضيين لا يبشر بالخير ، ويكشف عن تجذر الفوضى والإستهتار ، رغم خطورتهما وصولا إلى خطر الموت ، والتموضع وراء العصبيات لا يزال متقدما على إصطفاف سياسي عقلاني مبني على البرامج والمبادئ ، ورغم الفقر وخطر المجاعة لا يزال الناس ينقسمون حول عصبيات مريضة لم تجلب لهم الخير يوما .
لبنان وشعب لبنان كما إقتصاده وأمنه ومصيره في خطر ، وبصيص الأمل ضئيل جدا ما لم نغير الكثير الكثير في أسلوب تعاملنا مع المخاطر شعبا وقيادات .