جولة جديدة من الحرب غير العسكرية
- يمكن القول أن الحرب النووية التي كانت خطرا حاضرا بعد الحرب العالمية الثانية ، وصلت إلى خواتيمها ، بجعلها خارج البحث منذ ستين عاما ، عندما بلغ التوتر ذروته في أزمة كوبا التي عرفت باسم خليج الخنازير ، يوم كاد يقع التصادم النووي بين الأميركيين والإتحاد السوفياتي ، قبل أن ينتهي بتسوية عنوانها سحب الصواريخ السوفياتية من كوبا وإلتزام أميركي بسحب خطط غزو كوبا عن الطاولة .
- الحرب الباردة لم تتوقف مع إستبعاد الحرب النووية ، بقوة الردع المتبادل ، وشكلت كل النزاعات التي شهدها العالم منذ الأزمة الكوبية فرصا للحرب الباردة القائمة على تفادي التصادم الأميركي السوفياتي المباشر ، فكانت حرب فييتنام ابرزها وحرب أفغانستان آخرها ، حتى سقط الإتحاد السوفياتي وتفكك ودخل الأميركيون زمن زعامة أحادية للعالم .
- منذ العام 2000 بدا واضحا أن المواجهة الأميركية مع إيران تشكل عنوان حرب الزعامة الأميركية للعالم ، فهي تتوسط بحيرات النفط والغاز ، وتتوسط البيئة افستراتيجية للأمن العالمي لمرتبط بعناوين الممرات المائية الحيوية وتدفق النفط ومستقبل كيان الاحتلال وأمنه ، خصوصا بعد إنتصار المقاومة في جنوب لبنان ، كما بدا واضحا أن الفشل في إحتواء سورية عبر مؤتمر مدريد وعروض السلام ، ولاحقا عبر ثبات سورية بعد إحتلال العراق ، وتراجع مكانة وقدرة ومهابة كيان الاحتلال ، أن المواجهة مع إيران وسورية وقوى المقاومة صارت أولوية أميركية .
- تبدو هذه المواجهة العسكرية اليوم في أواخر أيامها ، في ظل تفوق محور المقاومة في حروب الميدان على المحور الذي شكلته واشنطن لحروبها ، والسائر سريعا نحو التشظي والتفكك ، وتبدو الحرب البديلة هي التي ستحتل مساحتها ، كما كانت الحرب الباردة بعد الأزمة الكوبية ، وتتخذ الحرب غير العسكرية هذه المرة عنوانا ماليا واضحا ، يراهن الأميركيون أن يخلق لهم ظروفا مشابهة لتلك التي إنتهت بسقوط الإتحاد السوفياتي وتفككه ، وتبدو المواجهة على هذا الصعيد مستحيلة بالنسبة للدول والقوى المستهدفة ، والممتدة من الصين على روسيا وإيران وسورية وفنزويلا ، ما لم تتم مواجهة الحرب بالجملة لا بالمفرق ، بإعتبارها حربا عالمية ، لا بإعتبارها أزمات متفرقة ، ويقدم نموذج المواجهة الت يخاضتها غيران بإبحار ناقلاتها النفطية نحو فنزويلا إختبارا ونموذجا شجاعا لما يمكن فعله للفوز بهذه الحرب ، التي يبني عليها الأميركيون آمالهم بتحقيق تعويض كل خسائر حروبهم وهزائمهم فيها .
2020-06-02 | عدد القراءات 3567