- يتوزع النقاش السياسي في لبنان هذه الأيام ، على عنوانين ، الأول هو قانون قيصر
للعقوبات على سورية ، والثاني الحملة التي تستهدف سلاح المقاومة ، وينقسم اللبنانيون
على أساس تصديق الفرضيتين ، كمواضيع راهنة وحاضرة ، وفي العنوان الأول
ينقسمون بين من يدعو لعدم التقيد بالعقوبات ومن يتحدث عن مرونة في تطبيقها ومن
يدعو لإحترامها بصرامة ، وفي العنوان الثاني ينقسمون بين متمسك بالسلاح وداع
لنزعه وثالث يدعو لإستراتيجية وطنية للدفاع تنظم العلاقة بالسلاح ، ويمكن لأي عاقل
التدقيق بالموضوعين كعنايون سياسية ليكتشف ببساطة أنها ليسا على جدول أعمال أي
جهة جدية كمواضيع راهنة .
- عواصم العالم وفي مقدمتها واشنطن منشغلة بعنوانين مختلفين ، الأول هو الحدث
الأميركي الذي يصفه البعض بالزلزال الذي سيغير العالم ، حيث يتهدد الولايات
الأميركية في ظل أوضاع إجتماعية تزداد تدهورا نحو الفقر ، مشاريع حروب أهلية
وتفكك الدولة المركزية ، وبحث عن تصور إستشرافي لأميركا الجديدة ، التي سيكون
ابرز معالمها الإنكفاء نحو الداخل ، ومن بعده يحضر العنوان الثاني عبر رصد وتتبع
تداعيات المواجهة مع وباء كورونا ، التي لا تزال مستمرة في ظل ركود إقتصادي منذ
شهور تتبعه حركة إفلاسات غير معلنة ، وإنحلال لنمط إقتصادي حكم العالم منذ سقوط
الإتحاد السوفياتي ، عنوانه الاقتصاد الإفتراضي في صالات البورصات ، والخدمات
المصرفية الرديفة القائمة على الديون والرهونات ، وصولا للمراهنات ، وصعود
حتمي لإقتصاد الأصول القائم على الاهتمام بالمواسم الزراعية وإنتاج وتخزين السلع
الحقيقية ، ورد الإعتبار للإقتصاد الوطني غير المعولم ، وفي الطريق حلول تدريجي
للذهب مكان الدولار ، والعنوانين العالميين الجديدين ، يبدأ النقاش فيهما أميركيا ، حيث
يفترض وفق الصالونات اللبنانية ، أن الإنهماك قائم ليل نهار بكيفية تطبيق عقوبات
قانون قيصر على سورية من بوابة لبنان ، والتدقيق بدرجة تقيد لبنان به ، وبخطة
بعض الأصوات للتحرك تحت شعار نزع سلاح حزب الله !
- الإنهماك اللبناني بقانون قيصر ينفيه القانون نفسه ، الذي تكفي قراءته لمعرفة انه أداة
تخاطب قديمة مع روسيا ، زالت ظروفها ، لحجز مقعد أميركي في مشروع الحل
السياسي في سورية ، ويكفي النظر لعناوين تطالها العقوبات لمعرفة أن الإنهماك به هو
إفتعال بلا مبرر ، أما ملف سلاح المقاومة ، فأبعد من أن يكون موضوعا حاضرا ،
للأميركي الذي يستعد لحزم حقائبه من المنطقة ، وسقف مساعيه لتفاهمات غير مباشرة
عنوانها ، لا تطلقوا النار نحن منسحبون ، دون أن يعني ذلك في العنوانين ، أن
الأميركي لا يرغب بالتسلية في الوقت الضائع ، بإنتظار تبلور الساعات الحاسمة
وظروفها ، طالما يجد في لبنان من يسمع وينفذ ويهتم ويرتبك وينهَم ، فلم لا يلعبون
اللعبة ، ويملأون الوقت بعناوين يريد بعض اللبنانيين تصديق جديتها ، والإستقطاب
حولها ، والتقاتل .
- في هذا الوقت الضائع يبدو أن قانون قيصر بما شكله من أداة حرب نفسية ، مناسبة
لإبتزاز بعض القيادات السياسية بالإيحاء بإستهدافها بالعقوبات ، أملا بتعديل تموضعها
السياسي ، أو إرباك هذا التموضع على الأقل ، ومعه زرع الشكوك في التحالفات ،
فيما يبدو عنوان سلاح المقاومة الذي صار عند بعض "الثوار" الذين كانوا يطالبون
حزب الله بالوقوف مع "ثورتهم ، هو سبب الأزمة الاقتصادية ، مناسبة لتأسيس جبهة
حلفاء الجيل الجديد للسفارة الأميركية في الحياة السياسية اللبنانية ، مع وسم ذكرى
السادس من حزيران موعدا لتحركهم ، وهي ذكرى إجتياح كيان الاحتلال للبنان عام
1982 ، التي يجب أن يتم إحياؤها أمام السفارة الأميركية تنديدا بدورها في دعم كيان
الاحتلال ، وإعلانا للتضامن مع الشعب الأميركي المنتفض بوجه العنصرية أسوة بما
يحصل في بارس ولندن .
2020-06-04 | عدد القراءات 3157