النقاش حول المحاصصة في التعيينات ، هو في الغالب نقاش لا يقدم ولا يؤخر طالما أن مصدره قوى دأبت لعقود على مقاربة التعيينات بهذه الطريقة ، وطالما أن الوجه الآخر للنقاش ينطلق من دعوات لدولة تقيم الإعتبار للكفاءة والنزاهة لا يمكن الجمع بينها وبين التنظيم الطائفي للدولة ، الذي سيؤدي حكما لربط وظائف الفئة الأولى بمرجعيات الطوائف ، ويبقى المهم هو ما يبدو أنه موضع إجماع على إعتبار التعيينات جاءت بأفضل الممكن ضمن التركيبة الطائفية والحزبية الممثلة في الحكومة ، لجهة المؤهلات الفردية للذين تم تعيينهم .
الموقع الأشد أهمية في التعيينات هو المجلس المركزي لمصرف لبنان ، الذي تم تشكيله بعد غياب ناتج عن شغور مراكز المسؤولية التي يتكون منها ، وهي نواب الحاكم الأربعة ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان ومدير عام الاقتصاد ، وبالتوازي مع المجلس إعادة تكوين لجنة الرقابة على المصارف ، والهيئتان تلعبان دورا كبيرا يفوق ويقيد دور الحاكم الذي تحمله قوى أساسية ممثلة في الحكومة مسؤولية أساسية في الأزمة المالية عموما ، وفي ضبط سعر الصرف بصورة خاصة ، وفي تغول المصارف وتناغمها مع سياسات الحاكم وإفادتها بصورة تتخطى كل معايير المقبولية من سياسات الفوائد المرتفعة والهندسات المالية .
قد تكون الصيغة الأنسب للحصول على توازن في إدارة مصرف لبنان بدوره تجاه سعر الصرف من جهة وتجاه المصارف من جهة موازية ، هي الصيغة التي ولدت من الجمع بين بقاء الحاكم والتعيينات الموازنة لموقعه في المجلس المركزي ولجنة الرقابة ، وهذا ينهي مرحلة كان عنوانها الشكوى من تفرد الحاكم ، ويجعل الجميع من اليوم مسؤولا عن سياسات مصرفية ومالية ونقدية مشكو منها .
الأهم من نقاش لن يغير شيئا في المحاصصة في التعيينات هو نقاش مطلوب وضروري ومفيد في السياسات ، وماذا سيتغير من الآن وصاعدا .