- خلال ثلاثة عقود سعى الأميركيون لإقامة نظام يحكمون من خلاله السيطرة على العالم ، ويهرب القادة والمحللون المؤيدون لواشنطن في بلادنا من مجرد التفكير بالجواب عن السؤال الأهم ، وهو هل أن الخط البياني للسيطرة الأميركية في هذه العقود ، مقابل الخط البياني لخصومها ومنافسيها ، في حال تحسن أم تراجع ، ويحاولن أخذ النقاش إلى زاوية أخرى يصعب الخروج منها بنتيجة ، هي هل أميركا قوية أم لا ، وهل لديها أوراق ضغط على خصومها أم لا ، والجواب سيكون طبعا بنعم أنها قوية ولديها أوراق قوة ، ولكن هل ليدها ما يكفي من القوة ومن أوراق الضغط الوقة لإنجاح مشرو عالسيطرة على العالم والتفوق على خط صعود خصومها ومنافسيها ؟
- قبل ثلاثة عقود ، كانت اميركا تصعد ، فتتمدد في أوروبا وتصل حدود روسيا ، وكانت تصعد بقوتها العسكرية فتخوض بنجاح في العقد الأول حربي الخليج ويوغوسلافيا ، ثم تتعقد مسيرتها في التمدد وخوض الحروب الناجحة في العقد الثاني ، فتتعثر في حربي العراق وأفغانستان ، وتصل في العقد الثالث وقد فقدت قوة الدفع اللازمة للخروج من الحفرة ، ويصعد خصومها ومنافسوها ، فها هي روسيا قياسا بما إنحدرت غليه قبل ثلاثة عقود لاعب حاسم لا يمكن تخطيه ، وها هي الصين قوة صاعدة لايمكن ثنيها عن التقدم ، وها هي إيران قوة قادرة على الصمود ، وحروب الوكالة التي خاضتها واشنطن خلال العقد الثالث دليل حي على التراجع ونتائجها بالفشل تثبيت للتراجع ، وها هي تحالفاتها تتفكك ، ويكفي مشهد الحرب في ليبيا بين حلفائها ، دول الخليج ومصر في ضفة وتركيا الأطلسية في ضفة ، غشارة ذات مغزى قياسا بإنضباطهم ووحدتهم قبل عقد مضى .
- عناوين الحركة الأميركية التي يصورونها علامات قوة ، هي محاولات هروب من المواجهة ، وعجز عن المبادرات السياسية ، من صفقة القرن إلى العقوبات المالية ، وتقترب الأوضاع بسرعة من معارك فاصلة في ميادين تتفادى واشنطن الخوض فيها ، فهي عاجزة عن الخروج من المنطقة دون ضمان أمن الكيان الذي بات يعيش على حمايتها ، وعاجزة عن تقديم مبادرات سياسية تنجز تسويات تحمي خروجها ، وعاجزة عن خوض حروب تحمي الكيان وتوفر فرصة خروج المنتصر ، بينما يستعد خصومها ومنافسوها للجولة الحاسمة ، وفي الميدان ، وسيكون الكيان في مدى النيران ، وعلى الأميركي مجددا أن يختار بين الانسحاب أفقيا والإنسحاب عاموديا .
2020-06-19 | عدد القراءات 2240