الحريري وموازين الربح والخسارة في لقاء بعبدا نقاط على الحروف ناصر قنديل

ناصر قنديل

  • فيما يجنح النائب السابق وليد جنبلاط نحو ترميم البيت السياسي الداخلي لطائفته ، ويضمن إغلاق النوافذ أمام الإختراقات ، أو أمام الإستثمار على الخلافات لجعلها مدخلا لتصفية حسابات في ظل سعي مواز بتنظيم العلاقة برئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر ، على قاعدة عنوانها الفصل بين الوطني والسياسي ، فيسلم الراية لرئيس مجلس النواب نبيه بري لهندسة الخطوتين ، فإن جنبلاط يضع امامه خطورة المرحلة وما يرد من معلومات عن وجود مخططات للعبث الأمني ، بالتزامن مع قراءة لإتجاه الوضع الاقتصادي والإجتماعي نحو المزيد من التأزم ، مستنيرا بصورة ثنائي حزب الله وحركة أمل ، أملا بتحقيق بعض التعاون والتبريد والتهدئة للعصبيات الحزبية في الجبل ، رغم صعوبة وجود أرضية سياسية تجمعه بانائب طلال إرسلان كالتي تجمع الثنائي ، تتيح بلوغ مراتب التنسيق لضبط الشارع والجغرافيا في أداء الثنائي .
  • المسعى الذي ترجمه الرئيس بري في جمعه لجنبلاط وإرسلان ، يشكل مشروعا كاملا لديه ، لمحاولة وضع الخلافات السياسية في إطار يحمي الساحة من الإختراقات ، ولا يرمي لإنهائها أو لجعل أحد الفريقين رابحا والثاني خاسرا ، فالوضع خطير ويزداد خطورة ، وما سيجعل الإنهيار كارثيا هو أن يتلاقى الضغط الاقتصادي مع توترات سياسية تتحول طائفية ومذهبية وحزبية ، ثم يفاجئ الجميع بلاعب أو بلاعبين جدد يدخلون الساحة من بوابة الخلافات والفوضى وفقدان السيطرة ، ولذلك سعى بري لإقناع من يستطيع إيصال صوته إليهم بأهمية المشاركة في لقاء بعبدا ، الذي ى يجوز النظر إليه كسياق لإلغاء المعارضة ، بل لمشاركتها في خطة تحصين تتيح للصراع السياسي أخذ مساحة التاثير اللازمة ، في مناخ صحي غير قابل للتفلت ، ويبقى تحت السيطرة .
  • الرئيس سعد الحريري يشكل الحلقة الأهم في مسعى بري ، لكن الحريري يعتقد ، كما بعض أوساطه ، ان مشاركته خسارة كاملة له وربح كامل لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ، اللذين يعبترهما الحريري الخصمين الراهنين ، فيختلط في الحساب مصطلح الخصومة بمصطلح القطيعة ، ويمكن النظر لهذه الرؤية كتعبير عن إستجابة لاواعية لمناخ شعبوي عنوانه إسقاط العهد والحكومة ، وكأن الأمر وارد وراهن وممكن وفي الطريق ، ويأتي اللقاء في بعبدا فيجهض كل شيئ ، بينما يعلم الحريري ومستشاروه ، أن الأمر الوارد حدوثه قبل بلوغ لحظة فاصلة نحو إسقاط الحكومة وبعدها العهد ، هو إسقاط زعامة الحريري نفسه ، لأن المشروع الذي يملك مقدرات وأجهزة مخابرات واموال ، تحت عنوان إسقاط الحكومة والعهد يدرك إستحالة تحقيق المهمة ، فيكتفي منها ببلوغ مرتبة متقدمة من الفوضى ، ويكتفي من الفوضى بالسيطرة على شمال لبنان ، ومن السيطرة على شمال لبنان تكفيه نهاية الزعامة الحريرية ، والحريري يدرك  بالتفاصيل مضمون هذا الكلام .
  • التهدئة السياسية ، وسحب المناخات المتوترة تجهض المشروع الواقف وراء الباب ، وتمنح اللاعبين المدعوين إلى بعبدا فرصة الربح المبتادل ، بقطع الطريق على مشاريع ممولة من الخارج لإنتاج زعامات بديلة ، او تعويم زعامات سابقى أصابها الضعف ، أو التهميش ، ولهذا يفكر الجميع بإقفال الأبواب أمام هذه الفرص ، ومعها يسعى بري لإقفال الأبواب أمام الفتن ، والفتن ليست فقط مذهبية ، بل داخل المذهب الواحد ، وليست محصورة بمنطقة وطائفة ، بل هي تستهدف كل المناطق والطوائف ، لكن ما بات منها قيد التشغيل هو ما يعد للعائلة الحريرية ، وما يقطع الطريق عليه شيئ واحد ، غسمه الحصانة الوطنية ، التي لايوفرها لقاء رؤساء الحكومات السابقين ، حيث واحد منهم لا حول ولاقوة ، وآخر ينتظر ساعة سقوط الحريرية ويفتح القنوات مع بدائلها الشمالية ورعاتهم لإستثنائه من الإستهداف ، وثالث يمهد للحريري طريق السقوط أملا بالوراثة .

2020-06-22 | عدد القراءات 15002