كتب المحرّر السياسيّ
بينما تبدو المنطقة على موعد مع الكثير من مظاهر التسخين السياسي والأمني، على إيقاع الشد والجذب بين دول وقوى محور المقاومة من جهة وواشنطن وجماعاتها من جهة موازية، كلما اقترب موعد الاستحقاق الرئاسي الأميركي، بعد ثلاثة شهور، حيث إدارة الرئيس دونالد ترامب العاجزة عن تحقيق إنجازات داخلية تحاول استثمار أوضاع المنطقة للإيحاء بعناصر قوة تريد تظهيرها داخلياً؛ وبالمقابل تجد قوى محور المقاومة أن إضعاف القدرة الأميركية في المنطقة بمواجهة عنجهية ترامب وإدارته فرصة لا يجب تفويتها في الأيام الانتخابية لأن دويها يكون أكبر وآثارها تكون أفعل. وفي هذا السياق وضعت دوائر دبلوماسية متابعة، الكر والفر اللذين تشهدهما ساحات عديدة في المنطقة، من تفعيل قانون قيصر ضد سورية، إلى الخطاب العالي السقف للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وما تضمّنه من تهديد واضح بقلب الطاولة، إلى مشهد الهجوم اليمني على منشآت عسكرية وأمنية في العاصمة السعودية، وانتهاء بجولات التصعيد التي تبدو ليبيا مرشحة لتكون ساحتها مع تمادي العبث التركي، وإعلان مصر عزمها على المواجهة.
كلام وزير الخارجية السورية وليد المعلم، حول الأوضاع في المنطقة وخصوصاً، استعداد سورية لمواجهة تداعيات العقوبات بالمزيد من السعي للاكتفاء الذاتي، ودعم موقف مصر في مواجهة العدوان التركي، كان للبنان نصيب منه بتأكيد المعلم على رفض أي ترسيم للحدود مع لبنان، أو نشر قوات دولية بين البلدين، داعياً للتعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية لتحويل تحدي العقوبات إلى فرصة، قائلاً إن التعاون المرحَّب به من سورية ينتظر إرادة لبنانية مقابلة للتعاون.
في بيروت شهدت السفارة السورية لقاء تضامنياً مع سورية بوجه العقوبات، التي تضمّنها قانون قيصر، شارك فيه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، ورئيس الكتلة القومية رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، ورئيس حزب الاتحاد النائب عبد الرحيم مراد. وقال رعد: «لطالما وقفت سورية إلى جانبنا في لبنان يوم تخلّى عنا كثيرون وأداروا ظهورهم لنا»، وأضاف: «جئنا لنعبر عن تضامننا الكامل بالوقوف إلى جانب سورية في مواجهة المؤامرة التي تستهدف موقعها، ونعرب عن خالص أمنياتنا بأننا سننتصر على هذا الاستهداف معاً، لأن العالم العربي كله يتشظّى منه». وشدّد رعد على أن «ما سُمّي بقانون قيصر هو دليل واضح على تجاوز سورية للمحنة العسكرية التي أريد من خلالها تدمير موقعها في العالم»، وقال: «نحن مع سورية وخيارات شعبها التحررية ومعها في موقع الصمود والمواجهة ضد كل القوى الغازية والمحتلة ونعتبر استهدافها استهدافاً لكل النهضويين والشرفاء في العالمين العربي والإسلامي». بينما أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل دعم سورية، وقال: «من الطبيعي أن نعبّر بجرأة عن انحيازنا إلى سورية التي ما زالت تلعب دوراً في مواجهة التحديات»، وأضاف: «نعتبر اليوم أننا في الموقع نفسه إلى جانب سورية ضد القانون الذي ينتقص من كرامة الشعب السوري ويعيده إلى الوراء بعد أن فشلت كل المخططات ضده». أما رئيس المجلس الأعلى في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» النائب أسعد حردان فدعا الحكومة إلى فتح الأبواب الاقتصادية مع سورية لما في ذلك مصلحة لبنان، معتبراً أن قانون «قيصر» ليس دولياً بل قانون لدولة واحدة اتخذت قراراً بتهديد الشعب السوريّ، بدوره، أكد رئيس حزب «الاتحاد» النائب عبد الرحيم مراد ضرورة مواجهة القرارات الجائرة، مشدداً على أن قانون «قيصر» وغيره مصيره الفشل. أما السفير السوري علي عبد الكريم علي فقد أكد أمام الوفد النيابي أن سورية ولبنان قادران على تحويل قانون قيصر إلى فرصة، مشدداً على أن أحد البلدين لا يمكنه الاستغناء عن الآخر. وقال السفير السوري: «ارتعب الأميركي من الانتصار السوري على الإرهاب، ما دفعه إلى تفعيل قانون قيصر الذي هو دليل على يأس هذا الأميركي وفشله». وأضاف: «لا يمكن استرضاء أميركا، فسورية ولبنان قادران على تحويل هذا القانون الجائر إلى فرصة اقتصادية وأمنية وسياسية».
في الشأن السياسي الداخلي، وصلت الاتصالات الهادفة إلى إنجاح لقاء بعبدا بضم القيادات السياسية، فوق الخصومات السياسية، تحت عنوان مواجهة المخاطر الوطنية معاً، إلى طريق مسدود، بعدما تأكدت مقاطعة الرؤساء السابقين للحكومات، وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري، ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، والرئيس السابق أمين الجميل، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وترجيح غياب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وتمثيل النائب تيمور جنبلاط كرئيس لكتلة اللقاء الديمقراطي بغياب والده النائب السابق وليد جنبلاط كرئيس للحزب التقدمي الاشتراكي؛ وأمام هذه المعطيات، قالت مصادر على صلة بالتحضيرات للقاء بعبدا، إن اللقاء قائم في موعده، وإن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يبادر لإلغائه أو إرجائه، وليتحمل الغائبون مسؤوليتهم، لأن الرئيس يستشعر خطراً مقبلاً على السلم الأهلي في ضوء ما شهدته بيروت وطرابلس من أحداث، يخشى تكرارها، وأراد اللقاء لتحصين الساحة بوجه المخاطر، وضميره مرتاح لأنه بادر وفعل ما يجب عليه فعله، وليتحمل الآخرون مسؤولية أفعالهم.
2020-06-24 | عدد القراءات 3286