لزمن طويل كانت الدوائر الدبلوماسية في الصين وروسيا تفضل البقاء في دائرة الدفاع عن سياساتهما الرسمية القائمة على عناوين عريضة من نوع رفض الحروب والتدخلات والاحتكام إلى القانون الدولي والمساعي الأممية بحثاً عن الحل السياسي. وبعد التموضع الروسي في سورية رفع الروس وتيرة المشاركة في السجال الذي تمتهنه واشنطن لتسويق سياساتها، لكنهم بقوا عند حدود الدفاع عن نزاهة الدور الروسي وقانونيته وشرعيته والحرص على عدم توجيه الاتهامات المباشرة لواشنطن حرصاً على عدم التورط في الرد والرد على الرد.
أظهرت الأيام الأخيرة تطوراً نوعياً في السجال الأميركي الروسي الصيني حول لبنان، فخرج السفير الروسي على قناة المنار يصف اتهامات معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر لحزب الله بالمسؤولية عن الأزمة الاقتصادية بدفاع مستغرَب عن الفساد ومسؤوليته في تخريب الاقتصاد اللبناني ومحاولة تسييس يائسة للملف الاقتصادي، مؤكداً اهتمام الشركات الروسية بلبنان، واضعاً محاولات واشنطن إبعاد روسيا والصين عن لبنان في دائرة السعي لوضع اليد على لبنان كحلقة في النفوذ الحساس في منطقة الشرق الأوسط من زاوية جيواستراتيجية بينما روسيا والصين تؤمنان بأن لبنان بلد توازنات يجب أن يتعاون مع الجميع.
كلام السفير الصيني، الذي نادراً ما يدخل على الملفات الخلافية، ونادراً ما يتحدث عن السياسات الدولية واللبنانية خارج إطار العموميّات، جاء بسقف عالٍ في رده على شينكر، وصولاً لحد نصيحة الدبلوماسي الأميركي بالاهتمام برفاه شعبه وصحته في ضوء تعثر إدارته بمواجهة وباء كورونا مفصلاً في رده كل النقاط التي اثارها شينكر في محاولة التشويش على أي انفتاح لبناني صيني. واللافت هو اللغة العالية النبرة التي استخدمها السفير الصيني قياساً بتحفظه التقليدي، وبالطريقة الصينية المعتمدة بتفادي السجالات.
الواضح أن روسيا والصين قررتا كسر جدار الصمت أمام الحملات الأميركية، لكن الأوضح من خلال اللغة الأميركية القاسية في التطاول على روسيا والصين، والردود الروسية الصينية الأشد قسوة، ولو من موقع الدفاع، هو أن لبنان بات نقطة صراع مفصليّة على ساحل المتوسط، وأن التبعية الثقافية للعديد من السياسيين والمسؤولين اللبنانيين التي تعميهم عن رؤية حجم تراجع القدرة الأميركية على الاستئثار بالنقاط الجيواستراتيجية على ساحل المتوسط، ستجعل الصراع أشد وطأة على لبنان واللبنانيين.
2020-06-25 | عدد القراءات 4154