لا تبالغوا في أوهام إنهاء الحشد الشعبي وتكراره ! نقاط على الحروف ناصر قنديل
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
شهدت بغداد خلال الأسبوع الماضي سلسة عمليات حملت رسائل من فصائل المقاومة لواشنطن ، مضمونها التذكير بالدعوة لرحيل قواتها من العراق ، وتأكيد أن التراضي على حكومة مصطفى الكاظمي كان بغرض تسهيل تنفيذ قرار الخروج الأميركي من العراق ، وليس فتحا لباب تشريع هذا الاحتلال ، وفي ليل 22 حزيران قامت وحدات في جهاز مكافحة الإرهاب التي تتبع بقرارها للكاظمي ، كقائد أعلى للقوات المسلحة ، بحملة إعتقالات لعدد من مقاتلي الحشد الشعبي ، خصوصا المنتمين لكتائب حزب الله ، والحملة التي تم تسويقها من مناصري الكاظمي لدى الأميركيين بصفتها إثبات على إستقلاله عن الحشد وشجاعته وقدرته على وضع حد ل"الميليشيات" ، تم تسويقها لدى قيادات الحشد بصفتها عملا شكليا لحفظ ماء وجه الحكومة ورئيسها بوجه الضغوط الأميركية والخليجية ، فيما تم تسويقها إعلاميا وخصوصا في وسائل الإعلام الخليجية بصفتها بدء العد التنازلي لمرحلة الحشد الشعبي ، ونموذجا قابلا للتكرار في لبنان ، وبدأت تخرج تحليلات في بعض المواقع اللبنانية تثير الضحك عن مشروع شبيه للكاظمي عنوانه النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد البعاصيري .
في ليل 23 حزيران أقفل الحشد الشعبي كل مداخل المنطقة الخضراء ، بوحدات مقاتلة ووجه إنذارا للكاظمي عنوانه ، أن محاولة الإستفراد بكتائب حزب الله لن تمر ، وأن التمييز بين فصائل المقاومة لعبة مكشوفة ، وأن ما جرى كان إنتهاكا صريحا للإتفاق السياسي الذي تمت تسمية الكاظمي على اساسه ، وبعد مفاوضات إمتدت لساعات ، تم التوصل إلى إتفاق يقضي بالإفراج عن عناصر الحشد الذين تمت مداهمة منازلهم ، خلال يومين ، مقابل إنسحاب وحدات الحشد الشعبي ، وحفاظها على حال الإستنفار والجهوزية ، وليل أمس خرج المعتقلون من السجن وقاموا بإحراق الأعلام الأميركية والإسرائيلية في الساحات العامة وتحت الكاميرات ، وهتفوا ضد الكاظمي ، وتم إسدال الستار على سيناريو بهلواني ، يفترض أن بالمستطاع تغيير وقائع تمت صياغتها بالدماء ، بقرارات صنعت من الحبر ، وإستعادت التوازنات التي أنتجت حكومة الكاظمي ، كإطار رسمي لإنسحاب أميركي دون معركة عسكرية ، مكانها في السياسة العراقية ، وصمتت طبعا الأبواق الإعلامية التي كانت تتحدث قبل ساعات عن نظرية حجارة الدومينو ، متوقعة تهاوي فصائل الحشد تحت مقصلة الكاظمي ، واحد تلو الآخر .