كتب المحرّر السياسيّ
في تل أبيب منشغلون بتجاهل كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعوة وزارة الطاقة في كيان الاحتلال لتلزيم التنقيب في بلوكات قرب المياه الإقليميّة للبنان، وقلق من أن يكون وراء الصمت ما يخيف، وفي واشنطن منشغلون بما بشّر به السيد نصرالله من فرص للسيطرة على تداعيات مسار الانهيار، عبر ثنائية تحرير سوق المشتقات النفطية من الارتباط بالدولار والحفاظ على احتياطات المصرف المركزي لسنوات، تتيح تحرير الودائع تدريجاً، من جهة، ومن جهة موازية تحويل تراجع سعر الصرف لليرة أمام الدولار إلى فرصة لموسم سياحي ونهوض زراعيّ وصناعي قرّر حزب الله قيادته، كما قال السيد نصرالله، والقلق الأميركيّ من تجاوز لبنان خطر السقوط الذي يجب أن يخضعه للشروط الأميركية، تخطى ذلك للقلق من خطر أن يتحقق الإنقاذ عبر العلاقة مع إيران، التي لن تمرّ بالضرورة بقرارات حكوميّة بل بفتح الحكومة الباب لشركات تجارية للاستيراد الحر في سوق المحروقات، وقيام شركات جاهزة للمجازفة بالتعرّض للعقوبات الأميركية، ولا تعتمد المعاملات المصرفية، بعملية استيراد المشتقات براً وبحراً من إيران، بالليرة اللبنانية وتسديد موجبات المالية العامة عليها من ضرائب وجمارك وبيعها بسعر منافس لشركات التوزيع والمحطات الراغبة مقابل التعامل النقدي، ما يجعل عملية التتبع وإنزال العقوبات أشد تعقيداً، وهو ما أثار غضب وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، ليتحدّث عن نية تقديم المساعدة الأميركية للبنان في مواجهة الضائقة المالية، وعدم ترك لبنان يتحول تابعاً لإيران في إشارة لكلام السيد نصرالله، بصورة بدا خلالها أن كلمات نصرالله قد حققت هدفاً جانبياً هو استدراج بومبيو إلى ملعب التنافس مع حزب الله وإيران، وهو ما قالت مصادر متابعة إنه كان موضوع ترقب من المعنيّين للردّ الأميركي على طروحات نصرالله، وتوقعت أن يلحق وزراء ومسؤولون في الخليج بمواقف تشبه موقف بومبيو.
بالتوازي شكل وصول رجل الأعمال اللبناني المتّهم بتمويل حزب الله، قاسم تاج الدين، إلى بيروت بعد الإفراج عنه من قبل السلطات الأميركية، حدثاً لبنانياً بالنسبة لخصوم حزب الله الذين راهنوا على سياسة أميركيّة صارمة مع حزب الله، فأصابهم الإحباط مما شعروا به من أن التحريض الأميركي أقرب للتوريط، وأن تحريم التعامل مع حزب الله يسري عليهم وليس على الأميركيين، ولو تحت الطاولة وبطريقة غير مباشرة، في ظل تحليلات قالت إن الإفراج عن تاج الدين كان تتمة التفاهم على الإفراج عن المتهم بالعمالة للمخابرات الأميركية، اللبناني نزار زكا الذي كان موقوفاً في طهران.
في الشأن السياسي الداخلي، هدأت عواصف الفناجين التي احتلت الأسبوع الماضي، وكان عنوانها الشأن الحكومي ومشاريع التغيير، وبدت الحكومة ورئيسها على ثقة بثبات الحلفاء وراءها، وعلى ثقة ببدء ظهور نتائج قراراتها في مواجهة اضطرابات سوق القطع وارتفاع الأسعار في الأسواق الاستهلاكيّة، بينما حسم الرئيس السابق سعد الحريري الشك باليقين بقوله، لن تروني قريباً في السراي، بعد شائعات عن تفاهمات في طريق النضوج تضمن عودته إلى رئاسة الحكومة، بينما أعاد قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالطعن بقانون آلية التعيين أمام المجلس الدستوري، التساؤلات إلى ساحة العلاقة بين مكوّنات الحكومة من جهة، وخصوصاً التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري، التي شهدت نقلة نوعية عبر عنها الطرفان بحماسة، بانتظار أن تكشف الأيام المقبلة دقة ما قالته مصادر متابعة عن أن الطعن هو البديل التوافقي عن رد القانون إلى مجلس النواب، وترك المجلس الدستوري يقرر بحيادية ما يراه لطي صفحة التباين حول القانون.
وغداة الرسائل التي وجّهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للولايات المتحدة الاميركية بسبب حصارها الاقتصادي والمالي على لبنان وتدخّل سفيرتها في بيروت بالشؤون الداخلية، حطّ قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي في بيروت وذلك في زيارة له بذكرى تفجير مقرّ المارينز في العام 1982.
والتقى ماكينزي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا ترافقه السفيرة دوروثي شيا. وأكد ماكينزي من بعبدا مجدداً على أهمية الحفاظ على أمن واستقرار لبنان وسيادته، وشدّد على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني. كما التقى رئيسي المجلس النيابي نبيه بري ومجلس الوزراء حسان دياب.
ورافق الجنرال ماكينزي مسؤولو وضباط المنطقة المركزية الوسطى، والملحق العسكري الأميركي روبرت ماين. وبحسب بيان السفارة الأميركيّة فإن «هذه الزيارة ليوم واحد إلى لبنان شملت لقاءات مع كبار القادة السياسيين والعسكريين اللبنانيين، بمن فيهم ممثلون عن وزارة الدفاع والجيش اللبناني، بالإضافة إلى لقاءات في السفارة الأميركية، ومحطة قصيرة عند النصب التذكاري تكريماً لذكرى أولئك الذين لقوا حتفهم في خدمة بلدهم».
في المقابل تجمّع عدد من المواطنين على طريق المطار، احتجاجاً على زيارة ماكينزي لبنان وقد أطلق المشاركون شعارات مؤيدة للمقاومة ومنددة بالسياسة الأميركية في لبنان بالإضافة الى التنديد بالعدو الإسرائيلي.
إلى ذلك، بقيت الرسائل التي وجهها السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير محل اهتمام ومتابعة ورصد الاوساط السياسية والاقتصادية المحلية وسفارات بعض الدول الغربية والعربية والخليجية في بيروت. لا سيما تحذير السيد نصرالله الأميركيين بأن تماديهم في حصار لبنان سيؤدي الى إضعاف حلفاء واشنطن في لبنان ودفع أغلب اللبنانيين للجوء الى حزب الله لإنقاذهم اقتصادياً.
2020-07-09 | عدد القراءات 3218