الانتخابات في سورية كتب ناصر قنديل

كتب ناصر قنديل

  • شهدت سورية أمس الانتخابات التشريعية الثالثة منذ بدء الحرب التي إستهدفتها ، وتهددت خلالها وحدة سورية وشرعيتها الدستورية ، وتجري الانتخابات هذه المرة وقد إستعاد الجيش السوري بدعم شرائح شعبية عريضة سيطرته على أغلب الجغرافيا السورية ، فالقيمة السياسية للإنتخابات هذه المرة أبعد من تأكيد الإنتظام في ممارسة الحياة الدستورية بل تأكيد التعافي السياسي لمشروع الدولة وإستعادته لزخم الحضور والدور، رغم البقاء ضمن مشروع عملية سياسية تهدف لشرعنة دولية لمشروع الدولة وضمان إلتحاق القوى التي تنضوي تحت شعارات الإنقسام والحرب بمشروع الدولة تحت سقف الوحدة الوطنية والسلم الداخلي .
  • في الطريق إلى الخلاص النهائي من ترددات الحرب والأزمة ، وبإنتظار نضج ظروف دولية وإقليمية لذلك ، يبدو أن المجلس النيابي الجديد مطالب بمهام لا تتعلق بمستقبل الحل السياسي الذي تتولاه القيادة السياسية للدولة وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد ، ولا تتعلق بحشد التعبئة الشعبية لمواجهة التحديات العسكرية والسياسية ، بينما يتطلع السوريون كما تتطلع القيادة السورية نحو المجلس المنتخب لدور أوسع في مواجهة الأوضاع الداخلية الإقتصادية والإجتماعية الضاغطة ، خصوصا لجهة توسيع نطاق الرقابة على الأداء الحكومي ومواجهة ما يشكو منه السوريون من تباطؤ في أداء بعض الإدارات ومن فساد وهدر يصيبان المال العام .
  • كان واضحا من هذه الدورة الانتخابية تراجع حضور وحجم مشاركة الشخصيات التي دخلت الحياة النيابية والسياسية بقوة وزنها المالي ، ولعل في هذا إشارة يعلق عليها السوريون آمالا في مجلس نيابي متحرر من تأثيرات رجال الأعمال الذين يبقى لهم دورهم في الحياة الاقتصادية ، لكن تحت رقابة مجلس نيابي يعبر عن غالبية شعبية تعاني من الضائقة المالية وتحتاج إلى أداء حكومي متحرر من نفوذ رجال الأعمال وتدخلاتهم ، وإلى إدارات حكومية تغادر عقلية مراعاة أصحاب المصالح المالية لحساب أولوية واضحة ، هي تأمين حاجات الفئات الشعبية والأكثر فقرا من بينها ، لتحقيق أعلى درجات الصمود في مواجهة ضغوط مالية وإقتصادية ناتجة عن حرب مالية تفرضها العقوبات الأميركية والغربية على سورية .

2020-07-20 | عدد القراءات 16397