ثورة جمال عبد الناصر
- يقدم لنا نموذج القائد التاريخي جمال عبد الناصر بعد نصف قرن من الرحيل مسيرة رجل من أبناء الفقراء والبسطاء وفي موقع عادي في هرمية مؤسسات الدولة والمجتمع تحمل المسؤولية عندما رأى وطنه يحتضر ويهان وشعبه يجوع والأجنبي يهيمن على القرار والثروات فلم يسأل عن تبعات التحرك والمواجهة وخاضها حتى النهاية بكل ما أوتي من قوة ، دون أن ينتظر عشيرة أو حزبا أو دولة يدعمونه ، مستعدا لتحمل المخاطر باعلى تجلياتها وهو زوج وأب وموظف .
- خلال توليه المسؤولية قدم لنا جمال عبد الناصر نموذج المسؤول الصادق الذي بقي أمينا لما أعلن من مبادئ ، والذي بذل كل جهد ممكن للتعلم والتزود بالمعارف والتواضع في كسب الخبرات وسماع الآراء حتى إختار أفضل ما يخدم قضية شعبه وبلده وأمته وبذل في سبيله وقتا وجهدا وتضحيات ، فكانت معارك وحروب وحصار وعقوبات ، وولدت مشاريع بحجم مصانع التعدين والسد العالي وقرارات بحجم تأميم قناة السويس وتوزيع الأراضي على الفلاحين .
- خلال مسؤولياته الجسام خاض عبد الناصر حربا وخسرها فما كان منه إلا أن قدم إستقالته مستعدا لتحمل تبعات الهزيمة ، وقد قدم في سيرته الشخصية مثالا إستثنائيا حول الزهد بالمال والترفع عن المكاسب الشخصية له ولعائلته وعاش حياة البسطاء وغادرنا وهو كما دخل الحكم بجيوب فارغة
- عظمة المثال في كونه لا يترك عذرا لأحد ، فيقول بالوقائع أن كل شيئ ممكن ، فهو يقول لشبابنا تحملوا المسؤولية ولا تقيسوا قراراتكم في قضايا اوطانكم بحجم ما بين أيديكم وبضمانات الفوز مسبقا فحاولوا وتشجعوا وتحملوا التبعات ، والنجاح ممكن دون عشيرة أو حزب أو دولة يقفون وراءكم ، ويقول لمن يتولى المسؤولية أي مسوؤلية ، أن تغيير حياة الناس أمر ممكن ، وأن تغيير حال الوطن أمر ممكن ، وأن مواجهة الحصارو العقوبات أمر ممكن ، ويقول لكل من يتعاطى الشأن العام أن الجمع بين العمل العام والآخلاق أمر ممكن ، وكل من يقارن قرارات عليه الحسم بشأنها ويخامره بعض اليأس والتردد مدعو لتخيل ماذا واجه جمال عبد الناصر وكيف إتخذ قراراته .
- يستطيع الناس الإختلاف في تقييم تجربة حكم جمال عبد الناصر ، وأو في صواب قراراته ، لكن أحدا لا يستطيع أن يشطب من ذاكرتنا أنه كان عنوان المرحلة الذهبية في التاريخ العربي المعاصر ، عندما صار للعرب والشرق والعالم الثالث كلمة .
2020-07-24 | عدد القراءات 4130