– عندما تقع الكوارث وتتسبّب بسقوط ضحايا وزهق أرواح بريئة لا يعوض شيء الذين تلحق بهم الخسارة، لكن المحاسبة وحدها للذين يتحملون المسؤولية تشكل لهم بعض العزاء. وعندما يحاسب المسؤولون بقوة الزخم الذي توفره الكارثة لمنطق المساءلة تتقدم فكرة الدولة، لأن بقاء الأمور عالقة لن يميت حقوق الضحايا بل سيدفع نحو الثأر من المتسببين بالكارثة من خارج القانون.
ما يجري حتى الآن في التحقيق بقضية تفجير مرفأ بيروت يستحقّ الثناء رغم محاولات التشكيك الظالمة والقائمة على الكيد فقط، لأن المشكّكين صبح ومساء كانوا يشيدون بالجيش اللبناني وبالنيابة العامة التمييزية وهما الجهتان المسؤولتان عن التحقيق.
– خلال يومين من التحقيق تمّ توقيف قرابة العشرين شخصاً بينهم مديران عامان ومدير عام سابق والحبل على الجرار، والانطلاق من المسؤوليات المباشرة لكل من مدير الجمارك ومدير المرفأ، ربما يكون هناك وزراء يتمّ اتهامهم بالمسؤولية وفقاً لما تقوله الوثائق والمستندات حول مدى اطلاعهم وكيفية تصرفهم مع المواد الشديدة الخطورة المخزنة في حرم المرفأ، والتي تحوم شبهات فساد أو أكثر حول كيفية التعامل معها من إدارة الجمارك وإدارة المرفأ.
– اللبنانيون الذين فقدوا الثقة بدولتهم هم الآن يراقبون ما يجري وينتظرون النهايات، وتلك فرصة لإثبات إمكانية نهوض الدولة كفكرة وكمشروع. والمدخل وحيد وهو إظهار أهلية عملية المحاسبة على ملاحقة المسؤولين، ضمن ثلاثة ضوابط، لا حمايات، ولا انتقام، ولا مماطلة.
– يستحق المعنيون بالتحقيق التنويه بأنهم منحونا الأمل بأن تكون لنا الدولة، والأمور بخواتيمها في النهاية، عسى أن تنتهي التحقيقات إلى الحقيقة كاملة ومنها إلى عدالة غير منقوصة.
2020-08-08 | عدد القراءات 3425