توقيف مديري الجمارك والمرفأ و19 موظفاً… وترامب سيشارك في مؤتمر باريس للإعمار
نصرالله: أصحاب الرهانات خائبون... وامتحان الدولة في التحقيق... والانفتاح الدولي إيجابيّ / عون: المحاسبة ستطال الجميع... ونضع خطة لإعادة الإعمار... والكارثة أسقطت الحصار
كتب المحرّر السياسيّ
سارت أشرعة سفن التطوّرات بعكس ما يشتهي الذي أسرجوا أحصنتهم لمواجهة سياسية انطلقت من تحميل حزب الله مسؤوليّة تفجير مرفأ بيروت، وبنت على ذلك دعوتها لتحقيق دولي، متوقعة مناخاً دولياً وإقليمياً يتيح توظيف التفجير في خدمة مشروع العودة إلى السلطة على جناح تقديم أوراق الاعتماد للمشاريع الخارجية المعادية للمقاومة.
أول الرهانات كان على بطء التحقيق وتلكؤ القضاة والأمنيين في السير بسرعة وقوة ونزاهة ومسؤولية في عمليات التحقيق. وقد سقط هذا الرهان مع قرارات بتوقيف مدير الجمارك بدري ضاهر وسلفه شفيق مرعي بعدما كان قد أوقف مدير عام المرفأ حسن قريطم، بالإضافة إلى 19 موظفاً بعدما منعوا من السفر وحجزت أموالهم أول أمس. وهذه البداية السريعة والشجاعة للتحقيق منحت الأمل بتقدّم يطال جميع الرؤوس المتورطة، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في دردشة مع الإعلاميين في القصر الجمهوري متوعداً بمحاسبة غير متأخرة وغير متسرّعة لا تستثني أحداً كبيراً أو صغيراً، نجاح التحقيق في الحصول على مصداقية ونيل ثقة الناس سيتكفّل بإسقاط دعوات التحقيق الدولي التي لا تمتلك أصلاً فرصاً جدية للتحول إلى وقائع، كما أوحى جواب الرئيس ميشال عون على سؤال حول موقف الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون من التحقيق الدولي.
على صعيد موازٍ سقط الرهان على مناخ دولي ينتظر أدوات محلية للمواجهة مع المقاومة، فكل ما تحمله الأيام يزيد التأكيد على أن المقاومة كرقم إقليمي صعب، باتت أشدّ صلابة وقوة من أن تشكل هدفاً يسهل التفكير بالنيل منه، بحيث بات سياق التعامل الدولي مع لبنان من خلال النظر للمقاومة، ينطلق من السعي لخطب ودّ المقاومة ومحاولة الانفتاح عليها، كما أظهرت زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت، وكما بدا واضحاً من كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي أكد على النظر بإيجابيّة لزيارة الرئيس الفرنسي وسائر أوجه الانفتاح الدولي والإقليمي على لبنان بعد التفجير، داعياً للاستثمار على هذا الانفتاح الذي يشكّل فرصة للبنان.
في كلام السيد نصرالله أيضاً ثقة بقوة المقاومة، جعلت فرضية العدوان الإسرائيلي كسبب للتفجير جانبياً، لدرجة ظهر كلامه داخلياً في أغلبه، يستهدف حث الاخرين على مغادرة الكيديّة والأوهام التي بنوا عليها سياساتهم نحو المقاومة، مؤكداً خيبة رهانات المتربصين بالمقاومة، داعياً براحة واطمئنان إلى التلاقي والسعي للفوز بامتحان بناء الدولة من بوابة الثقة بمؤسساتنا الوطنية وفي طليعتها الجيش كمرجع صالح للتحقيق لا يجوز التشكيك بصدقيته لأغراض صغيرة، ومكاسب سياسية وسلطوية فئوية، معتبراً أن الفشل في تحويل كارثة بهذا الحجم إلى مدخل للسير بجدية في خط بناء الدولة سيعني أزمة نظام وأزمة دولة وربما أزمة كيان.
الأجواء الدوليّة التي دعا السيد نصرالله للتعامل معها إيجاباً، أكد الرئيس ميشال عون أنها تغيرت منذ التفجير، حيث تكفلت الكارثة بإسقاط الحصار، فيما تلقى الرئيس عون اتصالاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد له خلاله حضوره لمؤتمر باريس بالفيديو الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون بوم الأحد المقبل على الأرجح تحت عنوان إعادة إعمار لبنان، بينما أشار عون إلى أن خطة لإعادة الإعمار قيد الإنجاز.
نصرالله
ونفى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بشكل قاطع وحازم وحاسم “وجود أي شيء لحزب الله في المرفأ سابقاً وفي الوقت الحالي، كما أنه لا يدير المرفأ ولا يتدخّل فيه ولا يعرف ما هو موجود بداخله”، مؤكداً أن التحقيقات ستؤكد موقفنا بعدم وجود أي مواد لنا في المرفأ وأن ما جرى هو تضليل ظالم.
وفي كلمة متلفزة حول فاجعة مرفأ بيروت، لفت السيد نصرالله إلى أن “حزب الله يمكنه معرفة ما هو موجود بمرفأ حيفا أكثر من بيروت، لأن هذا الأمر جزء من معادلة الردع”، وأضاف “ليست مسؤولية حزب الله أن يعرف بمرفأ بيروت، لكن مسؤوليته أن يعرف مرفأ حيفا، لأن هذا جزء من معادلة الردع ومن استراتيجية الدفاع عن لبنان”.
ورأى أن هناك استغلالًا سياسيًا للحادثة، لكنه أوضح أن اللحظة الحالية ليست للمحاسبات السياسية والحزبية بل للملمة الجراح، وأنه لدى حزب الله القدرة لاحقاً على الردّ وإثبات أن هناك مَن يعيش في سراب وأوهام. واعتبر أننا أمام فاجعة كبرى بكل المعايير، وأمام حادث له نتائج إنسانية كبيرة وتداعيات اجتماعية وصحية واقتصادية تحتاج إلى تعاطٍ استثنائي على كل الصعد.
ودعا السيد نصر الله الشعب اللبناني عند ظهور الحقائق إلى محاكمة ومحاسبة المحطات التي ضلّلته، وحرّضت وسعت إلى دفع البلد الى حرب أهلية.
وحول التحقيقات في ملف الانفجار، اعتبر السيد نصر الله أنه يجب أن لا يُسمح خلال التحقيق لحماية أحد أو إخفاء الحقائق عن أحد، وأنه يجب إنزال العقاب العادل بكل من يثبت تورطه بعيداً عن أي حسابات أو انتماءات، مشدداً على أن الحقيقة والعدالة يجب أن تسيطرا على التحقيق والمحاكمة.
وأشار إلى أنه في حال عجزت الدولة اللبنانية بكل سلطاتها في الوصول إلى نتيجة في التحقيق والمحاكمة، فهذا يعني أنه لا يوجد أمل ببناء دولة، مؤكداً أن هذه الحادثة لا يمكن أن تُنسى أو يتم التغافل عنها ويجب أن تُعرَف فيها الحقيقة ويُحاكم المسؤول عنها من دون أي حمايات.
كما دعا السيد نصر الله الدولة إلى أقصى جدية وحزم حتى تعطي الطبقة السياسية أملاً للشعب بأن تقوم دولة على قاعدة الحقيقة، موضحاً أن التعاطي الدولي مع الحادثة هو فرصة ولا يجوز تضييعها ويجب البحث عن الفرص التي ولّدتها.
وتوجّه السيد نصرالله للذين فتحوا معركة مع حزب الله ومحور المقاومة انطلاقًا من هذه الحادثة، بالقول: “لن تحصلوا على أي نتيجة”، مشدداً على أن هذه المقاومة بمصداقيتها وبثقة الشعب اللبناني بها وبأدائها وبقوتها وبموقعها القومي والإقليمي هي أعظم من أن ينالها بعض الظالمين والكذابين والساعين للحرب الأهلية الذين طالما سعوا لذلك وفشلوا وسيفشلون”.
وأشارت مصادر متابعة في قراءتها لمواقف السيد نصرالله الى أن “خطابه اتسم بالحكمة والمسؤولية الوطنية والعقلانية في لحظة عصيبة وكارثة كبرى يمر بها البلد، ولم ينجر إلى أسلوب الاتهام والاستغلال والابتزاز الذي مارسه بعض القيادات والكتل السياسية ككتلة المستقبل والنائب السابق وليد جنبلاط ورئيس القوات سمير جعجع وغيرهم من الذين يعملون على استغلال أي حادث لتدويله لأهداف سياسية”. واوضحت المصادر لـ”البناء” أن السيد نصرالله لم يصدر الاتهامات والأحكام المسبقة بالمسؤولية عن الانفجار أولاً لأنه لا يريد استباق التحقيقات، وثانياً لأن التحقيق والاتهام والمحاكمة منوط بالأجهزة الامنية والقضائية المعنية وبالحكومة ورئيسي الجمهورية والحكومة”، وأضافت أن “ترحيب السيد نصرالله وتأييده لخطوة مجلس الوزراء تكليف الجيش اللبناني والشرطة العسكرية التحقيقات والذي هو محل إجماع أغلب اللبنانيين، قطع الطريق على خيار التحقيق الدولي الذي يدفع اليه بعض القوى السياسية بتوجيه من بعض الدول الخارجية”. كما أشارت المصادر الى أن “عدم حديث السيد نصرالله عن الفرضية الإسرائيلية في التفجير لأن لا أدلة أو معطيات واضحة تدل على عدوان إسرائيلي وعندما يظهر ذلك بعد إجراء التحقيقات يُبنى على الشيء مقتضاه”، كما لفتت المصادر إلى أن “نفي السيد نصرالله أي معرفة لحزب الله بمحتويات المرفأ او وجود أسلحة تابعة له أجهض مخطط اتهام الحزب بالمسؤولية عن الكارثة من خلال فرضية استهداف إسرائيل لشحنات الاسلحة”. كما لاحظت المصادر “تجنب السيد نصرالله الخوض بسجالات داخلية وترحيبه بالزيارات والمواقف الدولية تجاه لبنان ما يشير الى إيجابية للقاء بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في قصر الصنوبر أمس الأول، وبالتالي وجود طرح فرنسي لحزب الله لحل الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان”.
2020-08-08 | عدد القراءات 3468