كورونا يقفز بعدّاد الوفيات إلى رقم الـ 12… ومصرف لبنان يعلن العجز عن مواصلة الدعم الحريري يتلقى من السيسي رسالة أميركيّة سعوديّة للعزوف... وتوتر على الحدود جنوباً / الغالبيّة تترقّب وتتريّث... وفرضيّة

كورونا يقفز بعدّاد الوفيات إلى رقم الـ 12… ومصرف لبنان يعلن العجز عن مواصلة الدعم
الحريري يتلقى من السيسي رسالة أميركيّة سعوديّة للعزوف... وتوتر على الحدود جنوباً / الغالبيّة تترقّب وتتريّث... وفرضيّة الحريري على الطاولة... ودياب يضع شروطاً للعودة

كتب المحرّر السياسي

العتمة السياسية والصحية والمالية رافقت عتمة الكهرباء في مناطق عدة، ولم تقطعها إلا القنابل المضيئة لجيش الاحتلال في المناطق الحدودية، فيما تحدثت مصادره للقنوات العبرية عن الاشتباه بعملية تسلل قبالة بلدة ميس الجبل الحدودية، وهو ما لم يتأكد من مصادر أخرى، وبينما اقتصرت المعلومات من الجانب «الإسرائيلي» عن مؤشرات تسلل من الجانب السوري لحدود الجولان المحتل، وفتحة في السياج الحدودي قبالة مستوطنة المنارة على الجانب اللبناني من الحدود، فيما تحدّثت وسائل الإعلام العبرية عن تزامن إطلاق نار مع زيارة ريس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للمنطقة، لم يصدر أي بيان من الإعلام الحربي للمقاومة، ليضاف الاستنفار الإسرائيلي إلى سلسلة حالات الهيستيريا التي تعكس حال الذعر في جيش الاحتلال الواقف منذ أكثر من شهر على «إجر ونص»، ما لم تحمل ساعات الصباح خلاف ذلك بعدما تطوّر الوضع بعد منتصف الليل إلى قصف جيش الاحتلال بالقذائف الفوسفورية محيط بلدات ميس الجبل وعيترون، وتحليق طيران حربي ومروحي في سماء المنطقة.

على الصعيد الصحيّ سجل لبنان أعلى عدد في الوفيات منذ بدء تفشي وباء كورونا مع رقم 12 وفاة في يوم واحد، وهو رقم يدقّ ناقوس الخطر بعدما قالت بعض التحليلات الصحية إن رقم الإصابات لا يخيف طالما أن عدد الوفيات منخفض، ليلحق عداد الوفيات بعداد الإصابات في التحليق عالياً، بينما الالتزام بالإجراءات الوقائية في حد دون الأدنى، والإغلاق يواجه تمرداً معلناً من عدد من القطاعات تحت تأثير الأوضاع الاقتصادية.

على الصعيد الاقتصادي جاءت المواقف المنسوبة لحاكم مصرف لبنان عبر وسائل إعلام أجنبية صاعقة على رؤوس اللبنانيين، مع إعلانه التوقف عن تمويل استيراد المحروقات والأدوية والقمح خلال ثلاثة شهور، مع استنفاد أموال المصرف المركزي، وعدم إمكانية المساس بالاحتياط الإلزامي للمصارف الذي يشكل حقوقاً للمودعين.

أمنياً، لا تزال تداعيات الاعتداء الإرهابي على بلدة كفتون في الكورة، تتلاحق لجهة ثبوت علاقة الجريمة بتحضير لعمل إرهابي من دون إيضاح التفاصيل، فيما تزايدت المطالبات بين أهالي المنطقة وبلدياتها بتسريع قرار نشر وحدات عسكرية وأمنية، وجاء الإعلان عن اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى اليوم، ينتظر أن يكون ملف الكورة أمنياً، وما تجمع لدى الأجهزة الأمنية من معطيات أحد الملفات التي يتناولها الاجتماع، ويرتقب أن يصدر قرارات بصدده خصوصاً لجهة تعزيز الانتشار العسكري والأمني في منطقة الشمال.

سياسياً، تعزّزت العتمة على صعيد المسار الحكومي، بعدما سقط عملياً مشروع حكومة وحدة وطنية كانت اسهمه قد ارتفعت بعد زيارة الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون إلى بيروت في أعقاب تفجير مرفأ بيروت، وتبنيه للدعوة التي تراجعت حظوظها مع إعلان الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري عزوفه عن الترشح لرئاسة الحكومة المقبلة، مضمناً بيان العزوف موقفاً تصعيدياً بوجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، بعد زيارة مساء أول أمس خصه بها النائب السابق وليد جنبلاط، دعاه خلالها لصرف النظر عن رئاسة الحكومة والانضمام لتسمية السفير السابق نواف سلام، وهو ما دعاه إليه الرئيس السابق فؤاد السنيورة، خلال مداخلته في اجتماع رؤساء الحكومات السابقين، ومطالبته بتضمين الدعوة في البيان، بينما قالت مصادر متابعة لموقف الحريري إن البعد الخارجي هو الحاسم في قراره بالعزوف، بعدما تبلغ من الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي نصيحة أميركية سعودية بالبقاء خارج الحكم.

قوى الغالبية النيابية التي كانت تسعى لحكومة وحدة وطنية، قالت أوساط مقرّبة منها إنها تبقي الباب مفتوحاً لدعوتها وتبقي اسم الرئيس الحريري على الطاولة، فربما يكون بيان العزوف الذي تفصله أيام عن موعد مرتقب للاستشارات النيابية، محاولة لرفع السقف التفاوضي، وليس قراراً نهائياً، وعندما يثبت خلال الساعات المقبلة أنه نهائي، ويثبت أن الحريري سينضم إلى حليفيه السابقين النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فهذا يعني قرار مواجهة سيكون على الغالبية التعامل معه على هذا الأساس. وقالت المصادر إن المشاورات بين أطراف الغالبية مستمرة، وتتداول بالفرضيات المحتملة، للتصرف بموقف موحد تجاهها.

بالتوازي مع هذا التعقيد، تمّ التداول بفرضية العودة لتسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الذي نقلت بعض الأوساط القريبة منه رفضه تكرار التجربة السابقة من جهة، ورفضه قبول التسمية للبقاء من دون تأليف حكومة إفساحاً في المجال للتفاوص مع الحريري وإنضاج الوضع الخارجي للتسوية، وهو لا يمانع بتسريع خروجه من السراي الحكومي، ولكنه لن يقبل التسمية إلا لحكومة تستفيد من أسباب تعثر تجرية الحكومة التي ترأسها، فيما الظروف تزداد سوءاً وصعوبة، وهو لن يرضى بأن يكون مسؤولاً عن المزيد من الانهيار من دون أن يكون قادراً على فعل شيء.

لا يزال الملف الحكومي في دائرة الجمود مع تزايد المؤشرات السلبية التي تشي بأننا دخلنا في نفق مظلم من غير المعلوم متى الخروج منه لا سيما بعدما خلط الرئيس سعد الحريري الأوراق وسحب ترشيحه لتأليف حكومة جديدة، ما عكس بحسب ما قالت مصادر سياسية متابعة لـ«البناء» الموقف الأميركي ـ السعودي المعارض لعودة الحريري وبالتالي إخفاء مرشح آخر يحمل مشروعاً أميركياً تعتزم واشنطن فرضه في لبنان مستغلة الانقسام السياسي الداخلي الحاد والأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة والمشهد الكارثي التدميري في البلد بعد تفجير مرفأ بيروت.

ووفقاً للمصادر فإن الساحة أصبحت مشرعة على كافة الاحتمالات، الفراغ والفوضى ومزيد من التوتر السياسي والأمني والانهيارات المالية والاقتصادية والنقدية.

أما حكومياً فهناك خيارات عدة بعد انسحاب الحريري منها توجه قوى الأغلبية النيابية ملزمة الى تسمية مرشح محسوب عليها في استشارات الاثنين المقبل، إذا استشعرت عملية تهريب لمرشح لا توافق عليه كسفير لبنان السابق في الامم المتحدة نواف سلام. وهذا الخيار استنساخ لتجربة حكومة الرئيس حسان دياب، أما الخيار الثاني فهو إرجاء الاستشارات النيابية لإتاحة المجال للمساعي السياسية الداخلية والخارجية، أما الثالث فهو الاستعانة بحكومة تصريف الأعمال لملء الفراغ الحكومي مؤقتاً ريثما يتم التوصل الى تسوية سياسية وحكومية.

وأعلن الرئيس الحريري في بيان «انه غير مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة»، متمنياً من الجميع سحب اسمي من التداول في هذا الصدد». وشدد على «ان المدخل الوحيد احترام رئيس الجمهورية للدستور ودعوته فوراً لاستشارات نيابية ملزمة عملاً بالمادة 53 والإقلاع نهائياً عن بدعة التأليف قبل التكليف».

وحمل الحريري المسؤولية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من دون أن يسمّيه بقوله: «لاحظت كما سائر اللبنانيين أن بعض القوى السياسية ما زال في حال من الإنكار الشديد لواقع لبنان واللبنانيين، ويرى في ذلك مجرد فرصة جديدة للابتزاز على قاعدة أن هدفه الوحيد التمسك بمكاسب سلطوية واهية أو حتى تحقيق أحلام شخصية مفترضة في سلطة لاحقة. وهو مع الأسف ابتزاز يتخطى شركاءه السياسيين، ليصبح ابتزازاً للبلد ولفرصة الاهتمام الدولي المتجدّد ولمعيشة اللبنانيين وكراماتهم». مضيفاً: «فإنني مع كتلة المستقبل النيابيّة، وفي الاستشارات النيابية سنسمّي من نرى فيه الكفاءة والقدرة على تولّي تشكيل حكومة تضمن نجاح هذه الفرصة الوحيدة والأخيرة أمام بلدنا».

وفيما تضاربت التفسيرات حول مقصد الحريري في كلامه عن التسمية في الاستشارات إن كان سيتّجه الى تسمية نواف سلام أم عدم تسمية أحد، أفادت المعلومات أن «الحريري لم يطرح أي اسم لترؤس الحكومة، والبيان الذي صدر عنه واضح لجهة ضرورة الذهاب الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف».

وسبقت موقف الحريري مشاورات سياسية قادها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم تفضِ الى نتائج ايجابية ما دفع برئيس المجلس الى وقف محرّكاته وبالتالي سقوط خيار الحريري وما سرّع اتخاذ الحريري خياره بسحب ترشيحه هو زيارة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى بيت الوسط أمس الاول التي عكست رفضاً جنبلاطياً لرئيس المستقبل، فيما تذهب التحليلات والمعلومات الى أن زيارة جنبلاط وموقفه كانت رسالة أميركية سعودية رافضة لعودة الحريري إذ إن الأميركيين لا يريدون الحريري إلا بشروطهم وطالما لا يستطيع ذلك فلن يسمح الأميركيون بعودة الحريري كغطاء لحزب الله والعهد.

وكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم تنقل بين المقار الرئاسية ودار الافتاء محاولاً التقريب بين وجهات النظر المتباعدة حيال التكليف والتأليف. وبعد زيارته الرئيس نبيه بري في عين التينة، زار بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ثم توجه ابراهيم الى دار الفتوى والتقى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، وذلك في ظل المعلومات التي تحدثت عن توجه لدار الفتوى الى التحرك اعتراضاً على ما يجري في الملف الحكومي. ثم التقى ابراهيم في بيت الوسط الرئيس الحريري قبل أن يعلن الأخير سحب ترشيحه.

ولفتت أوساط نيابية لـ«البناء» الى أن «موقف الحريري أعاد النقاش داخل الكتل النيابية الى نقطة الصفر»، مشيرة الى أن «لا مرشح جدياً حتى الآن لا لدى قوى الاكثرية النيابية ولا فريق المستقبل بانتظار المشاورات الأخيرة قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية»، مرجّحة أن يُصار الى ارجاء الاستشارات لمنح الكتل النيابية وقتاً اضافياً لتحديد مواقفها». فيما اوضحت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» الى أن «المشهد تعقد بعد انكفاء الحريري عن الترشح وبالتالي لا اتفاق حتى الساعة على مرشح آخر، ومن غير المعلوم اذا كانت ستجرى الاستشارات ومن السابق لأوانه اعلان مرشح الكتلة الذي يحصل بالتنسيق مع قوى سياسية أخرى»، مضيفة أن «موقف الكتلة لم يحسم ويتوقف على موقف الحريري اذا أراد أن يكون شريكاً في اختيار الاسم أم لا»، مشيرة الى أن «الأزمة معقدة والمشكلة الأساسية هي طبيعة النظام السياسي الذي يولد الأزمات». واستبعدت المصادر أن تُعاد «تسمية الرئيس حسان دياب الذي يرفض أصلاً إعادة تسميته في ظل استمرار الوضع القائم في البلد».

وفيما أكد مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن انسحاب الحريري كان متوقعاً نظراً للعقد الكثيرة التي تعترض عودته الى السرايا الحكومية، لفت الى أن «التيار الوطني الحر ليس لديه مرشح حتى الساعة بانتظار حصيلة المشاورات السياسية»، وأكد تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه الكترونياً أمس، أن التيار لا يضع شروطاً في ملف الحكومة «ونفعل ما باستطاعتنا لتسهيل ولادة الحكومة بغض النظر عن مشاركتنا أو عدمها».

ولم يحسم رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الساعة الموعد النهائي للاستشارات، وأفادت أجواء قصر بعبدا أن «موعد الاستشارات لم يحسم بعد وتحديده يتوقف على ما سيعلن هذا الاسبوع من مواقف بنتيجة المشاورات المستمرّة». وسألت: «هل يجوز ان تنقسم الكتل وان يكلف رئيس حكومة بأصوات هزيلة؟». ونقلت وسائل إعلامية عن مصادر بعبدا أن «الحملة على رئيس الجمهورية على خلفية تأخير الاستشارات هي ضغط سياسي»، لافتة الى أن «الرئيس عون أعطى مهلة أسبوعين للمشاورات ولكنه لن يبقى الى ما لا نهاية من دون استشارات، وهو يسعى الى حد أدنى من التوافق وعلى الأقل ان تكون مواقف الكتل قد توضحت». وكشفت ان «الكلام يدور حول حكومة تكنوسياسية وان تكون حكومة إصلاحات ومكافحة الفساد». كما اكدت ان «لقاء النائب جبران باسيل والخليلين سينعقد واللواء إبراهيم يقوم بمسعى لتسهيل تشكيل الحكومة وتحرّكه مستمر بالتنسيق مع رئيس الجمهورية»، موضحة أن «ليس لرئيس الجمهورية مرشح ومن تسمّيه الاستشارات يكلّفه لأنه يحترم الدستور وما ينصّ عليه». وأوضحت المعلومات أن «اذا جاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في أول أيلول فقد لا يجد حكومة إلا أنه قد يجد رئيساً مكلفاً»، مؤكدة أن زيارة ماكرون قائمة في اول ايلول وحتى الساعة الرئاسة اللبنانية لم تتبلغ خلاف ذلك، وغداً تصل مفرزة سباقة من الرئاسة الفرنسية لتحضير الزيارة».

وفي أول زيارة لمسؤول خليجي الى بيروت بعد تفجير المرفأ، جال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على رأس على المقار الرئاسية وبعض القيادات السياسية، وذلك لتنسيق عمليات الإغاثة بعد الانفجار في مرفأ بيروت

2020-08-26 | عدد القراءات 166172