كتب المحرّر السياسيّ
مع تسليم واشنطن لباريس كتاب مهمة بتولي ملء الفراغ السياسي في المنطقة حتى كانون الأول، إذا فاز الرئيس دونالد ترامب بالولاية الثانية، وتجديد المهمة حتى أيار إذا فاز منافسه جو بايدن بالرئاسة، جاءت التصريحات الأميركية الصادرة عن وزير الخارجية مايك بومبيو ومعاونه ديفيد شنكر لتؤكد التنسيق الكامل بين باريس وواشنطن، ومواكبة ودعم الأميركيين لمبادرات الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، مع حفظ الخطاب التقليدي الأميركي المعادي لإيران وحزب الله، من دون تعطيل الانفتاح الفرنسي عليهما، كضرورة لمشروع التسوية بين حربين تشتغل عليه الدبلوماسية الفرنسية أملا بالتأسيس لمفاوضات شاملة نحو تسوية كبرى تخلف خطر حرب كبرى لا يريدها أحد، بعدما فشل المشروع الإسرائيلي الذي شاركت واشنطن بتغطيته تحت عنوان معركة بين حربين، وبدأ يصبح نذيراً باقتراب الحرب مع تفاقم التعقيدات المحيطة بلبنان اقتصادياً وعبر الحدود الجنوبية نقلت مشروع المعركة بين حربين إلى يد المقاومة.
كتاب المهمة الذي يعمل ماكرون بموجبه، يتيح لفرنسا حصاداً اقتصادياً لا يمثل تحولاً استراتيجياً في الجغرافيا السياسية والاقتصادية، وله عنوانان، مرفأ بيروت ومترو بغداد، وتنشيط التواصل مع إيران وحلفائها لتدارك أي مخاطر للتصعيد في زمن الانتخابات الرئاسية الأميركية، وبناء شبكة أمان عنوانها تدعيم حكومة الشراكة العراقية، وبناء حكومة مشابهة في بيروت، مع أخذ الفوارق في موازين القوى التي لا تتيح استنساخ التجربة العراقية لبنانياً، في ظل رئاسة جمهورية وازنة وحليفة للمقاومة، وفي ظل تاريخيّة وعراقة المقاومة في لبنان وحجم ما تمتلك من مقدرات وبنى وشعبية، وما تمثل من خطر داهم مباشر على أمن كيان الاحتلال.
النموذج الحكوميّ اللبنانيّ يبدو مرشحاً للولادة قبل نهاية الشهر الحالي، وفقاً لما قاله الرئيس ماكرون عن مهلة الخمسة عشر يوماً وما أكدته مصادر متابعة لمسعى الرئيس المكلف مصطفى أديب الذي عبر عن ارتياحه لنتائج مشاوراته مع الكتل النيابية. وقالت المصادر إنه خلافاً للكلام المتداول إعلامياً عن عقد حقائب كالمالية والطاقة، فإن ثمة تعهدات حصل عليها الرئيس المكلف من رؤساء الكتل ورئيسي الجمهورية ومجلس النواب تجعله مطمئناً إلى القدرة على تذليل هذه العقد، وحول التمثيل السياسي في الحكومة قالت المصادر إن حزب الله الذي يتساءل البعض عن مشاركته، لن يكون بعيداً عن تكرار شكل مشاركاته السابقة بغير حزبيين يضع لائحة بأسمائهم وفرضيات الحقائب التي يمكنهم توليها بالتناسب مع حجم الحزب النيابي، كما فعل في المرات السابقة. وهذا يعني أن لا قيمة فعلية للكلام الأميركي عن استبعاد الحزب عن الحكومة الجديدة، أسوة بما سبقها. وذكرت المصادر بكلام نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل عن التعاون مع حكومات يشارك فيها حزب الله، وكان موقف كتلة الوفاء للمقاومة عن تسهيل مهمة الرئيس المكلف كما موقف رئيس الكتلة القومية النائب أسعد حردان بعد مشاركة الكتلتين في المشاورات التي أجراها الرئيس المكلف، عن أولوية الإصلاح والحاجة لوزراء يتمتعون بخلفية سياسية بمثل تمتعهم بالكفاءة، نافياً بدعة غير المسيّسين، تعبيراً عن حقيقة ما تمّ التلاقي عليه خلال المشاورات التي رافقت تسمية الرئيس مصطفى أديب، بالتوافق على وزراء يتمتعون بالكفاءة لكنهم يعبرون عن التوازنات السياسية والنيابية.
2020-09-03 | عدد القراءات 3102