قانون تشريعي حول العقوبات الأميركية نقاط على الحروف ناصر قنديل

- حتى أمس كان التعامل اللبناني الرسمي من أعلى المستويات الدستورية إلى المؤسسات
القضائية ، وصولا للمصارف ، مع العقوبات الأميركية يقوم على قدم واحدة ، عنوانها
الإنصياع ، بإعتبار ميدان العقوبات مساحة نزال خاصة بالصراع القائم بين الأميركيين
وحزب الله ، والشظايا التي تتطاير خارج هذا الميدان محدودة ، ولأن حزب الله إتخذ
طريق عدم تحميل لبنان وزر هذه الحرب وقررالتنازل عن حق قادته ورموزه
بمواطنيتهم اللبنانية مسامحا الدولة بمعاملتهم كأبناء جارية ، سارت الأمور على طريقة
معلومة ، هي أنه يكفي صدور قرار العقوبات الأميركية على شخص أو كيان أو
مصرف حتى تستجيب المؤسسات اللبنانية "على العمياني" ، كأن الأمر إلهي ، وتطوى
الصفحة بإنتظار صفحة جديدة .
- اليوم نشهد تحولا في السياق الأميركي للعقوبات ، يتخطى حدود الرسائل التكتيكية في
ملفات تفاوضية كالحكومة أو ترسيم الحدود ، إلى إعتماد الأميركيين العقوبات كآلة
حرب بديلة لإعادة تشكيل المشهد السياسي من مجرد عملاء مطيعين للمشيئة الأميركية
، وهذا سيتطور كلما إقتربنا من الإستحقاق الرئاسي ، والنيابي ، وبينهما حكومة ،
وقادة أمنيين وعسكريين وقضاة ، بعدما تم تدجين أغلب الإعلام المرتعد الفرائص من
العقوبات بسبب حالات التمويل التي يعتاش عليها ، وحجم مصالح أصحابه في داخل
لبنان وخارجه ، وسيتدخل الأميركيون بكل قوتهم عبر التلويح بالعقوبات أو إشهارها ،
لإبعاد من لا يرتاحون إليه عبر إضافته إلى لائحة المعاقبين فيتم إستبعاده تلقائيا من
المنافسة تحت شعار إستحالة تولي معاقب من الدولة العظمى مسؤوليات سيادية في
الدولة ، وترويض وإخضاع من يجب ترويضهم وإخضاعهم بالتلويح بالعقوبات حتى
يعلنوا إستسلامهم ، ويرفعوا العشرة ، ويسلموا بالإلتزام بالأجندة الأميركية .
- ليس المطلوب حربا عبثية ، ولا عناد أعمى ، معلوم أنه فوق طاقة لبنان الذي سيرتب
رفض جهازه المصرفي للعقوبات تعريض المصارف وهي في حال مأزوم معلوم
للإنهيار الشامل ، ولكن المطلوب ما يصد خطر الإنصياع الأعمى ويدرك تبعاته ،
بتحويل لبنان جمهورية موز ، يحكمها السفير الأميركي عبر واجهات رئاسية وحكومية
وأمنية وقضائية ومالية ، وهذا يستدعي نقاشا على أعلى المستويات لكيفية تدبر سلوك
بين سلوكيين مصابين بالعمى ، عمى الإنصياع وعمى التحدي ، وهذا يعني البحث عن
طريق ثالث قانوني وسياسي ، خصوصا أن هناك من سيقول في لبنان بأن تهم الفساد
تستدعي من الدولة تعاملا جديا لأن أحدا لا ينكر أن معركة مواجهة الفساد أولوية

لبنانية ، وهذا صحيح ، ويجب التمييز بين الإستهداف السياسي الأميركي المؤكد ، وبين
إمكانية إستناده إلى إتهامات صحيحة .
- الخطوة الأولى هي فتح الباب لتشريع خاص بالعقوبات الأميركية وكيفية التعامل معها ،
يبدأ من رفض التهم التي تعتبر التحالف والتعاون مع أي حزب لبناني سببا للعقوبات ،
وتحصر الإستعداد بالتعاون مع مطلب العقوبات ، بتهم الفساد وتبييض الأموال
والإعتداء على المال العام ، وتلقي الرشاوى ، وينص التشريع في حال صدور أي
عقوبات ، على مبادرة الجهات القضائية والمصرفية اللبنانية الرسمية ، أي مصرف
لبنان والنيابة العامة التمييزية ، بطلب الحصول على ملف مفصل بالتهم ، وإعتبار
العقوبات كأنها لم تكن ما لم يصل الملف المفصل خلال مهلة معينة ، وفي حال وصول
الملف ضمن المهلة ، الإستعداد لتحقيق مشترك مع الجهة المدعية ، والقيام بتحقيق
منفرد إذا رفضت الجهة المدعية التحقيق المشترك ، لبلوغ نتائج واضحة يمكن تقديمها
للقضاء اللبناني ، لمحاكمة المتهم إذا ثبتت تورطه في أي من الجرائم المالية المتعارف
عليها ، لينال عقوبات تتخطى مجرد تجميد الأصول ، بصفته فاسدا يجب أن ينال
العقاب ، فربما تصادر أمواله وممتلكاته إذا ثبت أنها من أموال الشعب اللبناني المنهوبة
، ويمنع بموجب القانون من تولي أي مسؤولية عامة وربما يقبع في السجن سنينا طويلة
، وفي حال ثبوت بطلان الإتهامات يرفض لبنان السير بالعقوبات ، ويخصص آلية
مصرفية بموجب القانون لتفادي تعريض المصارف للخطر ، مثل مصرف خاص لا
يتعامل إلا بالليرة اللبنانية ، تنقل إليه معاملات المعاقبين أفرادا وكيانات ، ويحفظ
لهؤلاء حقوقهم بتولي المسؤوليات العامة علنا وجهرا وبموجب القانون .
- المبادرة باتت ملحة للفصل بين العقاب المشروع والعدوان ، قبل أن تتشكل لوائح
مرشحي الرئاسة المقبلة من أسماء لعملاء أو لمن تم ترويضهم بسلاح العقوبات .

2020-09-11 | عدد القراءات 17508