– بالرغم من أن الخطوة التي أقدم عليها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري تحت عنوان تسهيل تشكيل حكومة الرئيس المكلف مصطفى أديب ومنح الفرص للمبادرة الفرنسية، لم تكن موفّقة ولا كافية، وهي أقرب لنصف تصحيح للخطوة التصعيدية التي كان الحريري وراءها للتحرّش بثنائي حركة أمل وحزب الله من باب وزارة المالية، تمهيداً لوضع اليد على الحكومة من بوابة نادي رؤساء الحكومات السابقين وتهميش الأغلبية النيابية ورئيس الجمهورية معاً، بدأت ملامح حرب سعوديّة على الحريري.
– افتتح الملك السعودي الحرب بإعلان من منبر الأمم المتحدة ضمنه من خارج السياق ربط أي تقدم للوضع في لبنان بنزع سلاح المقاومة، وتأكيده على اتهام حزب الله بالإرهاب، بما فُهم بوضوح إطلاق نار مباشر بالتزامن مع خطوة الحريري الناقصة، ولكن التسووية، وإعلان رسمي سعودي برفع الغطاء عن هذه الخطوة، وفتحاً للباب لتزخيم معارضة رؤساء الحكومات السابقين على الخطوة الحريريّة، وتوصيفها كتنازل غير مشروع.
– تابعت الوسائل الإعلاميّة السعوديّة الحرب بمقالات نشرتها صحيفة الشرق الأوسط وتقارير بثتها قناة العربية، وبدا بوضوح أن الضغوط تهدف لتجميد الخطوة الحريرية ومنعها من الاستكمال عبر الرئيس المكلف، الذي وقف في منتصف الطريق بين الموقف الفرنسي الداعي لتسريع تشكيل الحكومة والانطلاق من نصف الخطوة الحريريّة نحو خطوة كاملة ضرورية لصناعة تسوية تنتج الحكومة، وبين موقف سعودي يقف وراء رؤساء الحكومات السابقين للبقاء على موقف يتخذ من الخطوة الحريرية نهاية للتسوية ووضع الثنائي ورئيس الجمهورية مجدداً أمام معادلة الأمر الواقع، القبول أو تحمُّل مسؤولية الفشل.
– الحريري يعلم انه إذا تراجع لن يستعيد الثقة السعودية، المفقودة منذ احتجازه في السعودية، وإنّ كسر إرادته وإضعافه قرار سعودي متخذ، وأن الزج بشقيقه بهاء متواصل منذ ذلك الحين بتغطية سعودية، ويعرف أنه ما لم يكمل خطوته بما يجعلها صالحة لصناعة تسوية وتسهيل ولادة الحكومة، سيفقده الدعم الفرنسي وتعاطف القوى المحلية المستهدفة بالموقف السعودي.
– ولادة حكومة يُسهم الحريري بتشكيلها من خلف الرئيس المكلف أو يؤلفها بدلاً منه إذا قرّر الالتحاق بالموقف السعودي وموقف رؤساء الحكومات السابقين، وحده سيحمي مستقبله السياسي بدعم خارجي وداخلي، وبقاؤه في منتصف الطريق سيعني أن الحريري ينتقل من وضع صعب الى وضع أصعب، وهذا هو تجرُّع السمّ بالفعل.
2020-09-26 | عدد القراءات 19609