- عندما تصدر عن رأس الكنيسة الأهم في لبنان الذي يمثله البطريرك بشارة الراعي
دعوة لترسيم الحدود في مزارع شبعا ، يقع كلامه عند حسني النوايا في دائرة تصوير
وجود عقدة سورية في طريق إستعادة لبنان لأرضه المحتلة ، وبالتالي تبرئة كيان
الإحتلال من مسؤوليته كمحتل ، بذريعة أن سورية لم تساعد لبنان ومنحت كيان
الإحتلال الفرصة للإختباء وراء ذلك ، ويذهب سوء النوايا بالبعض إلى القول أن
البطريرك يقصد أن سورية كحليف للمقاومة تفعل ذلك للإبقاء على ذريعة المقاومة
للحفاظ على سلاحها ، بالإستناد إلى كلام البطريرك المعلوم حول هذا السلاح ، رغم
صلة سلاح المقاومة بقضيتي رد العدوان ومصير اللاجئين الفلسطينيين ، كقضيتين
يعرف البطريرك أن مشروعه للحياد لا يقدم لهما حلا .
- المشكلة أن كثير من اللبنانيين يقعون تحت تأثير عملية غسل دماغ منتظمة ومبرمجة
منذ العام 2000 تجد الأعذار لكيان الإحتلال للبقاء في مزارع شبعا ، جوهرها ربط
تثبيت الحق اللبناني بالمزارع بموقف سوري ، ولذلك يمكن فهم أن يظن الكثير من
اللبنانيين أن ذلك صحيح ، أما أن يصدر الكلام عن البطريرك الذي لا يتكلم دون
مراجعة وثائق والعودة لمعطيات مدققة ، فالأمر مختلف .
- لن نتحدث هنا عن مواقف سورية تؤيد لبنانية مزارع شبعا ومطالبة الدولة اللبنانية بها
وفقا لتقريرالأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في 22 أيار عام 2000 عن تلقيه
تأكيدا سوريا في 16 أيار عام 2000 يؤكد حق لبنان بمزارع شبعا ، فقد يقال هذا
الكلام سياسي ، ونريد ما هو موثق قانونيا وتقنيا والجواب هنا منعا لكل تأويل وإلتباس
عند الجيش اللبناني الذي يفترض أنه المرجع الأول عن حماية الحدود ، وبالتالي
معرفتها ، ومعرفة المرسم منها من غير المرسم ، ولا كلام بعد كلام الجيش الذي
يفترض أيضا انه فوق الشبهات عند بكركي ، بل المطلب الذي تحمله نداءات بكركي
بوجه سلاح المقاومة فماذا يقول الجيش ، وخصوصا ماذا تقول مديرية الشؤون
الجغرافية في الجيش المعني الأول والأخير بملف الترسيم والخرائط ؟
- في العدد 250 من مجلة الجيش الصادرة بتاريخ نيسان 2006 ، مقالة أقرب للوثيقة
المرجعية بتوقيع مدير الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني العميد الركن مارون
خريش ، ينصح بأن يقرأها كل مسؤول لبناني قبل التحدث عن ترسيم الحدود في
مزارع شبعا ، وفي ويثقة الشؤون الجغرافية للجيش التي وقعها العميد خريش إشارات
موثقة ومؤرخة لما يوجد في أرشيف الميدرية من وثائق وخرائط تتصل بترسيم مزارع
شبعا بين لبنان وسورية ، لا تحتاج إلى تثبيت ولا إلى تأكيد ولا تحتمل التأويل
والإلبتاس ، وتقول ان هناك مشاكل عالقة حدوديا في عدد من المناطق بين لبنان
وسورية لكن منطقة المزارع ليست منها إطلاقا .
- في وثيقة الشؤون الجغرافية للجيش إتفاقات وقرارات ومذكرات وخرائط أعوام 1934
و1938 و1939 في عهد الإنتداب ، وما هو أهم وأشد وضوحا بعده خصوصا أعوام
1946 و1954 و1956 و 1961 و1963 و1966 ، وقد ورد في الوثيقة
المرجعية لمديرية الشؤون الجغرافية بتوقيع مديرها العميد الركن مارون خريش ، ما
نصه "جرت عدة إتفاقات ومحاولات ترسيم بعد الاستقلال بين لبنان وسوريا، وتشكلت
لجان عامة وضعت المبادىء، ولجان فرعية وفنية وعقارية للبت بالإشكالات ووضع
التخوم ورسمها على الخرائط تمهيداً لنقلها على الأرض، بعد تصديق الخريطة
السياسية العامة من قبل السلطات المختصة في البلدين. ومن هذه المحاولات
والاتفاقات:
1- إتفاق الحدود العام 1946 بين شبعا ومغر شبعا (سوريا) الذي وضعته لجنة عقارية
لبنانية سورية برئاسة القاضيين العقاريين اللبناني رفيق الغزاوي والسوري عدنان
الخطيب. وقد رُسمت الحدود على خريطة 5000/1، ونقلت العلامات على الأرض.
وهذه الحدود تمتد من شمال جسر وادي العسل إلى شمال بلدة النخيلة اللبنانية..."
- تختم الوثيقة بالقول " إن عمليتي رسم الحدود العام 1934 والعام 1946 بين شبعا من
جهة وجباتا الزيت ومغر شبعا من جهة ثانية، واللتين رسمتا حدود لبنان وسوريا بين
القرى الثلاث، هما دليلان قاطعان وكافيان لرسم الخريطة الفعلية للحدود اللبنانية
السورية. واصبح هذان القراران نافذين استناداً الى نص القرار RL 27 العام
1935."
- نأمل أن يقرأ غبطة البطريرك هذه الوثبقة كاملة لأهميتها وأن يلفت إنتباهه مستشاروه
إلى خطورة ما يصدر عنه بخصوص مسألة حساسة مثل قضية هوية أرض لبنانية تقع
تحت الإحتلال ، قبل الإطلاع على موقف الجيش اللبناني ، الذي ربما يكون اليوم آخر
مؤسسة تحظى بإجماع اللبنانيين ، خصوصا أن الجيش هو المعني الأول بهذا الملف
الحساس ، ولا كلام بعد كلامه .
2020-10-04 | عدد القراءات 3147