نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لم يعد الكلام المسنوب لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن قراءته لموازين
القوى المختلة لصالح حزبه مجرد قال وقيل يمكن إنكاره ، فكلام رئيس الحزب التقدمي
الإشتراكي الذي نقل كلام جعجع عن عشاء جمعهما معا ، قطع باب الجدل حول
الإثبات رغم نفيه لجانبين من الكلام المنسوب لجعجع ، الجانب المتصل بفرضية عمل
عسكري ، والجانب المتصل بتقييم قوة حزب الله مقارنة بمنظمة اتلحرير الفلسطينية ،
فيكفي إثبات جنبلاط لصحة ما نسب لجعجع قوله في العشاء حول تغير الموازين
مسيحسيا لصالح القوات بصورة كاسحة تجعل جعجع في وضع اقوى من الذي بلغه
مؤسس القوات بشير الجميل عشية ترشحه لرئاسة الجمهورية ، ما يمنح جعجع فرصة
أن يكون المرشح الأقوى للرئاسة في الإستحقاق القادم ، وما يجعله ساعيا بقوة
للإنتخابات النيابية المبكرة أملا بنيل أغلبية النواب المسيحيين ، اي ما يزيد عن ثلاثين
نائبا ، ويمنحه موقع الكتلة النيابية الأكبر في مجلس النواب ، وما يمليه ذلك من نتائج
وتداعيات في الملفات الحكومية والرئاسية .
- إثبات جنبلاط لشق من كلام منسوب لجعجع يمنح مصداقية للكلام الذي لم يثبته
جنبلاط من اقوال جعجع ، فالمقارنة بين قوة جعجع وقوة بشير لا تستقيم ، دون مقارنة
موازية كانت العامل الحاسم في منح الفرصة لبشير لإمتلاك مصداقية التفكير بالترشح
للرئاسة ، وهي المقارنة العسكرية بما كان قائما ، حيث كان الإجتياح الإسرائيلي عام
1982 هو العامل الحاسم في ترجيح كفة ترشيح بشير ، كانت مقابله منظمة التحرير
الفلسطينية ، بحيث يصير الحساب الطبيعي لإكتمال صورة التوازن الذي يبني عليه
جعجع تصوره الرئاسي مشروطا بالإجابة عن سؤال ، حول المكافئ الذي سيحل مكان
الإجتياح الإسرائيلي ، وهو مكافئ عسكري حكما ، ومعه إجراء تقييم لقوة حزب الله
كعقبة في طريق رئاسة جعجع ومقارنتها بقوة منظمة التحرير الفلسطينية ، فمن يبدأ
بمقارنة قوته بقوة بشير كمدخل لقياس الفرص الرئاسية ، لابد أن ينتهي بمقارنة قوة
حزب الله بقوة منظمة التحرير الفلسطينية من جهة ، وبالتفكير ببديل عسكري للإجتياح
الإسرائيلي .
- هذا التفكير المغامر وما قد يستتبعه من تحضير تنظيمي ، ومن إستعداد لمواجهة قد
تكون مناطق جبل لبنان مسرحها ، قد يلقى تشجيعا من عقول أميركية مغامرة ، وربما
غير أميركية ، وقد يتقاطع مع بعض التعبئة المدنهية والدينية ضد سلاح المقاومة ،
لإحاطة مهمة لاحقة للقوات بقدسية دينية وهالة مهمة ثورية في آن واحد ، ما سيعني
شيئا واحدا ، هو أخذ لبنان نحو الحرب الأهلية ، التي كان ملفتا تحذير الرئيس السابق
للحكومة سعد الحريري منها ، وإشارته الملفتة لمشاهد الإتسعراضات القواتية في
منطقة الأشرفية كمثال .
- خلال المرحلة المقبلة التي سيكون عنوانها مزيد من الفقر ، ومزيد من ضعف الدولة
وتراجع هيبتها وحضور مؤسساتها ، تزداد خطورة التورط بالمغامرات ، لأن الإحتماء
بالعصبيات الطائفية سيرتفع منسوبه ، والمناطق ستعيش حال اللامركزية بصورة
متزايدة ، ونظريات الإدارة الذاتية ستجد المزيد من الحضور والإصغاء ، والمنطقة في
ظروف شديدة التوتر ، والدول العاجزة عن خوض الحروب تلجأ إلى حروب الوكالة ،
وتبحث عن ساحات تصفية حسابات بديلة ، فتصير المغامرات المنطلقة من قصور
الرؤية وخطأ الحسابات مصدرا للقلق والخطر ، فكيف وفي العالم أسئلة كبرى تبدأ من
مصير الإنتخابات الأميركية وإحتمالات الفوضى ، وتحولها نظاما عالميا .
2020-10-13 | عدد القراءات 3005