تحفظ على الوفد التفاوضي لا رفع غطاء

نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- طرح البيان الصادر عن قيادتي حزب الله وحركة أمل حول تشكيل الوفد التفاوضي ،
ولهجته الشديدة والعالية السقف ، أسئلة كبرى ، بعدما ورد في البيان أن الفريقين ،
"انطلاقا من التزامهما بالثوابت الوطنية و رفضهما الانجرار الى ما يريده العدو
الاسرائيلي من خلال تشكيلته لوفده المفاوض والذي يضم باغلبه شخصيات ذات طابع
سياسي واقتصادي ، يعلنان رفضهما الصريح لما حصل واعتباره يخرج عن اطار
قاعدة التفاهم الذي قام عليه الاتفاق وهو مما يضر بموقف لبنان ومصلحته العليا ،
ويشكل تجاوزا لكل عناصر القوة لبلدنا وضربة قويه لدوره ولمقاومته وموقعه العربي
ويمثل تسليما بالمنطق الاسرائيلي الذي يريد اي شكل من اشكال التطبيع ".
- السؤال الأساسي الذي طرحه البيان هو هل يشكل هذا الموقف مدخلا لرفع الغطاء عن
الوفد المفاوض ، والقول بأنه لا يمثل الإجماع اللبناني ، وأن هذا الوفد لم يعد يحظى
بدعم اللبنانيين وخصوصا فريق المقاومة ، الذي يشكل السند الرئيسي للموقف
التفاوضي ومصدر القوة الأول الذي يفرض على مفاوضي العدو إقامة ألف حساب
لموقف لبنان ، والجواب الأكيد هو أن الثقة بثوابت التفاوض الحاكمة التي يمثلها موقف
الجيش اللبناني ، وموقف رئيس الجمهورية ، لم تتزعزع ، ولا شيئ يدعو لفتح المجال
لتساؤلات حول شكوك بوجود نوايا مقلقة تطال مصير المفاوضات وقوة وثبات الوفد
اللبناني عند الحقوق اللبنانية ، وهذا هو الأمر الرئيسي الذي يبنى عليه أي تفكير
إفتراضي برفع الغطاء ، غير وارد على الإطلاق بالنسبة للمقاومة وفقا لمعطياتهاو
تاريخ علاقتها بالرئيس والجيش .
- الموقف الذي تضمنه البيان يطرح سؤالا ثانيا عن أهدافه طالما أنه صدر فجرا قبيل بدء
الجلسة الأولى للتفاوض ، وبعد فشل المساعي السياسية والإتصالات التي إستمرت
حتى ساعة صدور البيان لتعديل الوفد التفاوضي وفقا للملاحظات التي تضمنها البيان ،
وهو هنا إعلان تحفظ إستباقي لبدء التفاوض ، له عدة أهداف ليس بينها رفع الغطاء ،
فهو أولا إعلان مباشر موجه للطرف الآخر في التفاوض ، وللوسيط الأميركي الذي
شارك في صياغة إتفاق الإطار التفاوضي ، والراعي الأممي ، الذين يعلمون عن كثب
حجم التشبث الذي كان في خلفية التوصل للإطار التفاوضي لتثبيت الطابع العسكري
التقني للمفاوضات ، وتبديد أي فرضيات وتفسيرات للتعديل الذي مثلته تشكيلة الوفد

على ما تضمنه إتفاق الإطار ، ووضعه في إطار التنازلات وقد كان الضغط الأميركي
ومن خلفه السعي الإسرائيلي لفرض تفاوض إقتصادي ، ثم مختلط عسكري إقتصادي ،
وقد تم رفضها بشدة الى حد كاد هذا التشبث يطيح بفرصة ولادة إتفاق الإطار ، وهذا
مغزى الإشارة إلى أن تشكيلة الوفد خالفت الإتفاق الإطار والخشية من أن توحي
بتنازل لتشكل تسليما بالمنطق الإسرائيلي للتفاوض ، وقد وصلت الرسالة وتحقق الهدف
، أما الرسالة الثانية فهي للداخل اللبناني سواء لمن يشكلون بيئة المقاومة لتبديد أي
خشية من أن تؤدي العلاقات السياسية الداخلية سببا لتهاون فريق المقاومة بتثبيت قواعد
صارمة لملف التفاوض ، وبالتوازي للفريق المناوئ للمقاومة ، بأن المقاومة وبيئتها
يدعمون تفاوضا يؤدي لتثبيت الحقوق اللبنانية وإنتزاعها ، والمقاومة التي فرضت
قوتها مبدأ تسليم الأميركي والإسرائيلي بالتفاوض ، وبشروطه لاحقا ، ليست ذاهبة ،
ولن تسمح بالذهاب ، إلى أبعد من ذلك .
- إنتهت الجلسة الأولى ، وكان أداء الوفد اللبناني مشرفا بالشكل والتفاصيل والمضمون ،
والموقف الذي تضمنه البيان سيبقى حاضرا ، وهو سقف إضافي وضمان مضاعف
لحذر يزيد تشدد الوفد التفاوضي بوجه أي محاولة توريط بالإنزلاق إلى مطبات
يرسمها الأميركي ويرغبها ويطلبها الإسرائيلي ويسعى إليها ، وهو ضمان معاكس
لتجنيب الوفد مزيد من الضغوط والمطالبات ، في ظل وجود موقف بهذه القوة وهذا
الوضوح ، من الفريق الذي يعرف الأميركي والإسرائيلي أن التفاوض الذي صار
هدفا ، لم يكن واردا إلا عندما هددت المقاومة بإستهداف أي محاولة إستثمار في حقول
الغاز اللبنانية ، وأن التفاوض صار قدرا بهدف تفادي هذه المخاطرة ، وأن مسار
التفاوض سيظل محكوما بطيف هذه المقاومة ، التي لا يفيد الأميركي والإسرائيلي
تجاهل سقوف وحدود تعاملها مع الملف التفاوضي ، كما لا يفيده ممارسة ضغوط على
الوفد المفاوض أو سوء فهم شروط تركيبته ، طالما أن شكل التفاوض ونتائجه جلسة
بجلسة ، موضوعات سينالها التقييم محطة بمحطة ، وسيواكبها موقف تلو موقف ،
وستفقد كل الضغوط قيمتها عندما تصطدم بالسقوف التي ترسمها الحقوق اللبنانية الثابتة
، عبر مفاوضات غير مباشرة ، ممنوع توظيفها وإستثمارها بأي إشارة توحي بالتطبيع
أو الإعتراف بشرعية كيان الإحتلال ، أو بأي بعد سياسي .

2020-10-15 | عدد القراءات 15437