لماذا يقبل الحريري ما بلم يقبله من قبل ؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل

- ما سمعه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري خلال الأيام التي أعقبت كلمته المتلفزة
التي أعلن فيها ترشحه لرئاسة الحكومة ، كان شديد القسوة ، سواء من حلفاء كالنائب
السابق وليد جنبلاط أو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ، أو من شركاء ف
يالتسوية الرئاسية ، سواء كلام رئيس التيار الوطني الحر قبل أسبوع ، وكلام رئيس
الجمهورية أمس ، معطوفا على مواقف الجماعات الفاعلة في الحراك التي خرجت
بصوت مرتفع بوجه ترشيحه ، يفوق بكثير ما كان قد سمعه من جهة واحدة هي بعض
الحراك الذي خصصه بالانتقاد ، بينما كان الحراك عموما قد شمله بالتساوي مع كل
المسؤولين في الدولة ، ورغم الفارق بالحجم والنوع إستقال الرحيري يومها ، بينما
يتمسك بترشيح نفسه اليوم ، وبين فرصة للعودة لرئاسة الحكومة كانت متاحة بعد
الإستقالة بأكثر من 90 صوتا رفضها الحريري رغم وجود فرص عالية لتشكبيل
الحكومة ، وبالمقابل تسمية بالكاد تحقق ال60 صوتا لعودة من غير المضمون أن
تصل للخواتيم السعيدة بالتأليف ، يسعى اليها الحريري ، فما الذي تغير ؟
- هناك من يخشى أن يكون الحريري الذي رفض التسمية والمسؤولية الحكومية من قبل
كان يفعل ذلك بقرار خارجي لترك البلد ينهار ويسقط ضمن حملة ممنهجة لإستهداف
المقاومة وحلفائها ، وأنه اليوم يسعى لتسمية لا تنتهي بتأليف حكومة تواصل الضغط
والإستهداف ، بتحميل المقاومة وحلفائها مسؤولية التعطيل ، ويحذر هؤلاء من منح
الحريري التسمية دون تفاهم تفصيلي يسبق التسمية ، خصوصا مع الآثار التي ظهرت
على قوى الغالبية تفككا في صفوفها بفعل التسمية والخلاف حولها ، ويعتقد مثلهم
آخرون أن الحريري يريد أن يضع يده على موقع رئاسة الحكومة والضغط لفرض
شروطه في التأليف ولو طال الإنتظار ، رهانان على تاثير عناصر الضغط الداخلي
والخارجي لتذليل العقبات ، وهو يعرف ان زعامته التي تعيش ظروفا صعبة يجب ان
يلاقي الإنتخابات النيابية وقد عزز حضورها من موقعه في السلطة ، كرئيس للحكومة
وليس كمجرد زعيم معارض خارج الحكم .
- التدقيق في عناصر الخشية والتحذير ، يطرح سؤالين على أصحابها ، الأول لماذا لم
يكن ذات المنهج سببا بقبول الحريري من قبل ولذات الأسباب ، والثاني هو هل أن
العامل الخارجي الذي منع الحريري من تحمل المسؤولية كان عنوانه قرار أميركي لا

حل في ظل سلاح حزب الله ، وترجمته لا أموال لحكومة لا تعزل حزب الله وتقيد
سلاحه ، لا يزال قائما أم أنه تغير كما تقول عملية التفاوض لترسيم الحدود البحرية
خصوصا ، وتولي الأميركي دور الوسيط في ظل التسليم بإستحالة نزع السلاح أو
تقييده أو تحييده ، وهل الحكومة في لبنان شأن منفصل عن مصير المعركة الكبرى
التي يخوضها الأميركي مع السلاح ، وهل يمكن الذهاب لوساطة أميركية حول الترسيم
في ظل السلاح وهو تحول سياسي كبير وترك التفاوض يفشل ، ام أن تولي الجبيش
اللبناني لإدارة التفاوض يفرض التوصل لنتيجة إيجابية في الترسيم وهو مدخل لما
وصفه الأميركيون بتنعم لبنان يثروات واعدة ، فهل ينسجم الذهاب بهذا الإتجاه مع
الرهان الرئيسي لدفع لبنان نحو الإنهيار ؟
- ثمة قراءة معاكسة تقول ان الأميركي هو الذي تغير ، مع التسليم بالفشل في تقييد
وتحييد السلاح في أهم معارك المنطقة وهي معركة الغاز ، وأن قرار دفع لبنان نحو
الإنهيار كان ضمن معركة تحييد وتقييد السلاح التي تشارف على نهايتها وتفقد جدواها
، وتفقد ببعدها الداخلي وظيفتها ، فتم تحرير الحريري من قيد الترشح الذي كان يرغبه
، وتم تحرير الإقتصاد اللبناني من الضغوط القصوى وتحرير المبادرة الفرنسية من
الأثقال التي حملت لها وكادت تفجرها ، وفتح الطريق لتعويمن ماتلي كان الحريري
يتفادى تحمل المسؤولية دون التحقق من وجود فرص تحقيقه ، وهو يريد أن يكون
عنوانا الإنتقال من الإنهيار إلى الإزدهار ، لكن هذا يستدعي ان يسحن الحريري إدارة
معركة التأليف بحيث يدرك أنه في زمن يدين التغيير الدولي بمواقفه للمقاومة بفرض
المعادلة الجديدة لا يستطيع الحريري أن يخرج كرابح منفرد ويجعل كل الآخرين
خاسرين !

2020-10-21 | عدد القراءات 122957