- رغم محاولة التغطية على المشهد التصادمي الذي أطاح بمؤتمر مجموعات الحراك ،
عبر عراك حل مكان الحراك ، وشتائم بدأت ضد أهل السياسة وإنتهت لتصيب
"الثوار" بألسنة بعضهم التي تمرنت بالسياسيين سنة كاملة ، ومحاولة وضعه مرة في
خانة التباينات الديمقراطية ومرة في كونه لم يؤثر على مسار أعمال مؤتمر هذه
الجماعات لتوحيد صفوفها ، فإن بيان المؤتمر الذي أقر بترحيل العناوين السياسية الى
وقت لاحق بكفي للقول ان المؤتمر قد فشل ، بل ان الهيئة التي يفترض ان تنبثق عن
المؤتمر ترك أمر تشكيلها لتشاور لاحق .
- الإنقسام السياسي داخل المجموعات التي تلاقت على تسمية حضورها في الساحات في
ظل الغضب الشعبي ، بالثورة ، وتمكنت في أيام زخم الحركة الشعبية من تخطي ذات
الخلافات التي فجرت مؤتمرها ، هو إنقسام قديم مرافق لهذه الجماعات منذ بداية
الحراك ، لكن المناخ الذي فرضه سياق الأحداث منذ إنطلاق الإنتفاضة كان يوحي بأن
الحصار على المقاومة ينتج ميزان قوى سياسي عام في البلد لصالح القوى المنخرطة
في المشروع الأميركي بكل تفرعاته ، وقد تسنى لهؤلاء السيطرة على الحراك بقوة هذا
املناخ من جهة وبتجنيد وسائل الإعلام التلفزيونية المتفرغة للنقل المباشر والتي تدير
ضمن تنسيق بينها تتولاه جهات أخرى بالواسطة ، لأن القنوات التلفزيونية المتخاصمة
وجدت القدرة على التفاهم على لوغو وموحد وشعار واحد ، لبنان ينتفض ، وعلى
تسويق تحركات بمواقيت واحدة مجهولة مصدر الجهة الداعية ، ضمن مشروع لم يعد
خافيا موقع مليارات ديفيد هيل من صناعته ، لكن المشهد قد تغير اليوم فتفجر كل ما
كان تحت القشرة وطفا الى السطح .
- العراك كان تعبيرا عن فشل الذين قادوا الحراك ، رغم الدعم الهائل المالي والإعلامي
والدبلوماسي والشعبي الذي أتيح لهم وركبوا موجاته جميعا ، وصولا لفشل ذريع عبر
عن نفسه بتراجع الإعلام وتراجع الأموال وتراجع الرعاية الدبلوماسية وخصوصا
تراجع المشاركة الشعبية ، فخرج المقموعون الذين صمتوا لسنة عن صمتهم ، لكن كان
كل شيئ قد تغير ، فالأميركي ذاهب للتفاوض حول ترسيم الحدود في ظل السلاح الذي
وعدوه بمحاصرته وتقييده ، وقد نفد وقته وحسم أمره ، وصار ثوار هيل بضاعة
منتهية الصلاحية ، والياس الأميركي من هذه الجماعات عندما يتلاقي مع اليأس الشعبي
يرافقه إنفكاك إعلامي فتفقد حركتها مصادر قوتها الوحيدة ، وتصبح نواد للثرثرة تشبه
كثيرا النواب المستقيلين ، ودعاة الحياد ، كطلقات صوتية في توقيت خاطئ .
- الواضح ان المسار الحكومي الجديد كمسار مواز للحراك ، منذ عام مضى ، غير
قابلين للتساكن تحت السقف الأميركي معا ، فيجب ان يخلي أحدهما الساحة للآخر ،
ومثلما أخلت حكومة الرئيس سعد الحريري الساحة قبل سنة للحراك ، يخلي الحراك
بعد سنة الساحة لحكومة جديدة للرئيس الحريري ، ومثلما رحلت الحكومة لأن القرار
الأميركي كان عنوانه تشديد الحصار وشد الخناق ولو وصول الأمر بلبنان نحو
الإنهيار على أمل أن يسقط الهيكل على رأس المقاومة ، فرحل الحريري وتقدم الحراك
، صار القرار بمنع إنهيار سيسقط فيه من لبنان الكثير الكثير مما يهم الأميركي ، لكن
المقاومة لن تسقط ، ولن يسقط الهيكل على رأسها ، فتقدم الحريري وتراجع الحراك .
- العراك في الحراك يجسد مقولة "الفقار بيولد النقار" ، و"الفقار" هنا هو مالي وسياسي
واعلامي ، فهل يتقدم الثوار الحقيقيون المؤمنون بالمقاومة والإستقلال والإصلاح تحت
سقف واحد ، ليقودوا نسخة منقحة ومصححة ؟
2020-10-27 | عدد القراءات 3391