ليس غريبا عن اللعبة السياسية ان يرتفع منسوب الحديث فيها فجاة عن لقاءات ثنائية او عن تقارب بين خصوم و افرقاء في الساحة الواحدة او الاقليمية او الدولية او ان يكثر الحديث عن اجتماعات تضم هذا الطرف بذلك و عن لقاءات تجمع بين هذا الفريق و ذلك المتباعد بالمباشر او بالغير المباشر ..
معروف ان السياسة فن قيادة المصالح و لكن السياسة اثبتت انها ليست فقط مصلحية انما قادرة بحرفة على تخفيف وقع الاعلان عن تخطي اي محرم و اثبات انها فن الترويض و الوصول الى المقبولية عند الاخر .
قد يتسائل البعض كيف يمكن للولايات المتحدة الاميريكية ان تتواصل و تجتمع و تنتج و تتفق مع نظام الولي الفقيه المرشد علي خامنئي كما تسميه اي نظام اسلامي شيعي يدعم الارهاب برايها المعروف المتمثل بدعم حركات المقاومة مجتمعة بالشرق الاوسط .
ليس المواطن الاميريكي وحده من يسأل هذا السؤال فقد سبقه اليه المواطن الايراني لدى رؤيته الوفود الاميريكية مجتمعة مع الوفود الايرانية و الابتسامات تملئ الشاشات .
كيف يمكن لجون كيري و محمد جواد ظريف ان يجتمعوا و يتفقوا على جدول اعمال و بنود و مواعيد لحسم الملف النووي الايراني و الاتفاق او كيف سهل الاقناع و القبول بالايحاء ان الملف النووي كان مدخلا لطرح باقي ملفات الشرق الاوسط العالقة بين البلدين على طاولة البحث بينها سوريا و العراق و لبنان و البحرين و اليمن مثلا؟
كيف يمكن للرئيس اوباما ان يرسل رسائل مباشرة للمرشد خامنئي يطمئنه فيها ان الولايات المتحدة ستراعي خصوصية حلفاء ايران في اي مرحلة مقبلة؟
استطاعت اهم مدرستين في علم السياسة الدولية المدرسة الاميريكية و المدرسة الايرانية بالتجربة اثبات ان الوقت المناسب و السياسة المناسبة و فن ادارة المصالح كفيلين بحفظ المصالح .
استطاعت هاتين المدرستين ان تنقل دروسهما الى تلاميذهما الموزعين في الشرق الاوسط و العالم و لحسن الحظ ان اللبناني لطالما هرع نحو استغلال فرص تبرير المواقف حيث تعج الساحة اللبنانية اليوم باخبار عن لقاءات ثنائية بين الخصوم السياسيين للاتفاق على حلول لاهم استحقاقات البلاد ..
اول الممهدين للقاءات هذه المباركة خارجيا هما حزب الله و تيار المستقبل اللذان وافقا ضمنيا على انتشار و تكبير هالة خبر الحوار الذي يحضر لانضاجه الرئيس بري بينهما الذي لا شك و ان لم يبصر النور سريعا ارخى ظلال ايجابية على اللبنانيين و ذلك للبحث في قانون جديد للانتخاب و الرئاسة اللبنانية.
نفس الامر انتقل الى اوساط التيار الوطني الحر و حزب القوات اللبنانية حيث تشير الاجواء لديهما ان هناك من يقدم المشهد على انه بانتظار سيخرج لقاء قريب يجمع بين العماد ميشال عون و سمير جعجع ليكتمل فيتم البحث موضوع مصير الرئيس اللبناني .
عدوى الكبار انتقلت الى الصغار يبدو ان اجواء اللقاءات الثنائية بين الاضداد ستكثر بالفترة المقبلة و انه على المتلقي ان يتقبلها تماما كما نجح كبار اللاعبين بتقديمها بسلاسة و انضاجها في عقول المتابعين على انها امرا عاديا اليوم يحصل في السياسة متناسين انه كان منذ فترة وجيزة اقرب الى المستحيل و شبيه بالتنازل عن الثوابت.
و عليه و وفق لتلك المدرستين فانه ليس مستبعدا ابدا ان نسمع و نشاهد لقاءات تجمع الرئيس السوري بشار الاسد بخصومه الدوليين لبحث حل سياسي مناسب بعدما تنجح الاجواء في بث المقبولية التدريجية ولا مستبعد ايضا ان يلتقي الايرانيين بالسعوديين مثلا ..
انها السياسة و شرائعها و اضدادها ومواقيتها ..
2014-12-13 | عدد القراءات 2316