- حتى كانون الثاني موعد دخول الرئيس المنتخب جو بايدن الى البيت الأبيض ، مسار
قضائي معقد ومفتوح على عدة فرضيات ، يصطف خلالها الجمهوريون وراء الرئيس
الأميركي دونالد ترامب لحين بلوغ المسار القضائي نهاية واضحة لصالح بايدن ،
يرجح عندها تصاعد مناخات جمهورية ومؤسساتية تمهد لبايدن الطريق نحو البيت
الأبيض ، هذا إذا لم يقدم ترامب على مغامرة عسكرية تهدف لقلب الطاولة وفرض
مسارات أمر واقع تعيد هيكلة مسار المرحلة الإنتقالية قبل نهاية ولايته ، كما تقول
إقالته لوزير الدفاع في ظل تحذيرات جدية من مغامرت عسكرية ، أو مخاطر فك
وتركيب الإدارة الأمنية والعسكرية والقضائية بصورة تضعف مناخ الإنتقال الرئاسي
بصورة سلسة تلعب المؤسسات دورا حاسما فيه .
- عندما نقول ما لم يحدث ما هو مفاجئ ويكون المعني هو ترامب ، يصير الأرجح هو
حدوث هذا المفاجئ ، وبالتالي إذا قيض لبايدن دخول البيت الأبيض في كانون الثاني
المقبل ، فستكون الأمور أقرب الى معجزة ، خصوصا أن الإنتخابات أظهرت وجود
كتلة بيضاء عنصرية متوحشة منظمة ومسلحة تصطف وراء مشروع ترامب
التصادمي وصولا لإستسهالها للحرب الأهلية ، وللتضحية بوحدة الدولة الفدرالية ،
وبالمقابل وجود جماعات منظمة ومسلحة على ضفة مقابلة تستهل المغامرة أيضا بنزاع
مسلح مفتوح ، وبعضها يبني حسابات على تعميم الفوضى خصوصا في المناطق
الحدودية ، وفي عدد من الولايات التي تعيش تحت وطأة الإحتقانات العنصرية ، وفوق
كل ذلك هناك إنقسام عامودي في طبقة رجال الأعمال بين معسكر النفط والسلاح
المعادي لمشاريع يتبناها بايدن علنا ، والمؤيد لترامب علنا والكلام المعلن من بعض
رموز هذه الطبقة عن إستقلال ولايات تشكل هذه القطاعات مصادر الدخل الحيوي فيها
، مقابل رهانات قطاعات التكنولوجيا و الإسكان والطاقة البديلة والأدوية على مشاريع
بايدن وتذمرها المعلن من توحش المشروع الإقتصادي لترامب ، رغم الطفرة التي
أحدثتها إجراءات الحماية الجمركية التي إعتمدها ترامب ، وبدأت تذبل بإرتداد العزلة
على المصالح الأميركية كحال كساد صناعة السيارات رغم فورة مؤقتة أعقبت سياسة
الحماية لصناعة الصلب والحديد التي لم ينج حلفاء واشنطن من تبعاتها .
- في مقال تنشره البناء اليوم للرئيس المنتخب جو بايدن ، سبق ونشره في مجلة الفورين
أفيرز في عدد آذار نيسان ، يقدم فيه مقاربته لمسؤولياته كرئيس في حال إنتخابه ،
يمكن إستخلاص ما سيفعله بايدن ، الذي يشكل خميرة الحياة السياسية المؤسساتية
الأميركية بتراكم خبرته وحضوره خلال نصف قرن من موقعه في الكونغرس ودوره
كرئيس شبه دائم للجنة الشؤون الخارجية قبل أن يصبح نائبا للرئيس في عهد باراك
اوباما ، وبايدن الشبيه بجورج بوش الب إبن المؤسسة الأميركية بخلاف ترامب
الطارئ عليها ، يدرك كما تقول مقالته التفصيلية أن مهمة ولايته الأولى على الأقل هي
إعادة ترميم داخلي وخارجي طويلة النفس ، جوهرها في الداخل وتحتاج إلتقاط الأنفاس
في الخارج ، حيث العودة للإتفاقات والتفاهمات هي الأساس ، وليس لغة العداوات التي
تحضر في إتسعراض بايدن لمنطلقات السياسات وليس لخارطة الطريق ، فمع روسيا
عودة لاتفاقيات الحد من التسلح ، رغم تصويرها مصدرا رئيسيا للخطر ، ومع الصين
عودة للتنافس الإقتصادي تحت سقف إتفاقية المناخ وإتفاقيات التجارة الحرة ، رغم اللغة
التحذيرية من خطر صعود الصين وخطتها للتوسع عالميا ، ومع إيران عدوة للإتفاق
النووي ، رغم الغة العدائية حول سياسات إيران الإقليمية ، وكل هذا مدخل لإستعادة
تماسك الحلف مع أوروبا وإعادة الحياة لحلف الناتو ، للتفرغ لإعادة تكوين الإقتصاد
الأميركي وإعادة بناء ما يسميه بايدن بالنموذج الأميركي .
- يضع بادين ثلاثة ركائز للسياسة الخارجية توحي جميعها بالحاجة لإستهلاك ولايته
الأولى في البناء الداخلي ، والركائز هي ، قوة النموذج ، أي اعادة بناء صورة مشرقة
لأميركا بعد الصورة المتوحشة التي رسمها ترامب ، والركيزة الثانية هي رد الاعتبار
للتحالفات ، سواء ببعدها الإقتصادي مع أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية وسواها ، أو
ببعدها السياسي تحت عنوان الكتلة الديمقراطية الحرة ، أو ببعدها العسكري عبر تنشيط
حلف الناتو ، والركيزة الثالثة يسميها الجلوس على رأس الطاولة ، وجوهرها إعادة
العمل بالإتفاقيات التي إنسحب منها ترامب ، من إتفاقية الحد من التسلح الإستراتيجي
مع روسيا ، وإتفاقية الحد من التلوث المرعوفة بإتفاقية باريس للمناخ ، وإتفاقيات
التجارة الحرة مع الصين ، والتفاهم النووي مع إيران ، وعلى هذه الركائز يبني ترامب
ما يعتبره رد الإعتبار للدبلوماسية تحت شعار كن قويا ولكن كن ذكيا ، حيث اللجوء
للقوة العسكرية يجب ان يكون آخر الخيارات ، وفي حدود ضيقة جدا ترتبط بتهديد
مباشر للأمن الأميركي .
- الإلتزام بأمن إسرائيل وتفوقها جزء من خطة بايدن ، لكن من مقال ب4000 كلمة
وردت 4 كلمات فقط عن قضايا الصراع في المنطقة هي هذه الجملة المقتضبة حول
الإلتزام .
2020-11-10 | عدد القراءات 17117