- المناخ الذي أحاط بكلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، كان واحدا في
كل مقاطع الحديث رغم تنوع مواضيعه إلى درجة التباعد بين حديث عن المناورات
التي أجراها جيش الإحتلال ، إلى مفاوضات ترسيم الحدود ، وصولا إلى الإنتخابات
الأميركية ، وإنتهاء بالعقوبات التي طالت النائب جبران باسيل ، والمناخ هو الثقة بأن
مرحلة نوعية جديدة تشارف على البدء ، وأن الأسوأ قد صار وراءنا ، وأن مشاريع
الإستهداف التي شهدتها المنطقة بصيغة حروب وفوضى وضغوط ، وعقوبات وحصار
وإغتيالات ، قد بلغت مداها وفشلت في تحقيق أهدافها ، بفضل الصمود والثبات
والتضحيات ، وهذا كان واضحا في كلام السيد نصرالله عما شهته ساحات المواجهة
من لبنان الى سورية والعراق وايرلاان واليمن وفلطسين وانتهاء بلبنان ، صحيح ان
المقاومة لم تحقق نصرا نوعيا في هذه السنوات الأخيرة ، لكن صمودها هو بوابة
لنصرها الآتي ، لأن الضغوط القصوى قد عبرت ولم يعد هناك شيئ إسمه الأسوا ،
وكل ما هو آت سيكون في رصيدها .
- الإنتخابات الأميركية والمناورات الإسرائيلية سياقان منفصلان في الظاهر ، لكنهما في
الجوهر تعبيران يتمم أحدهما الآخر عن حقيقة واحدة ، هي حقيقة الفشل التاريخي
للمشروعين الأميركي والإسرائيلي ، فقد فشل كيان الإحتلال بتحقيق الهدف المرسوم
لإجتياح لبنان وهو إلحاق لبنان بالزمن الإسرائيلي ، بفضل المقاومة منذ عملية تفجير
مركز الحاكم العسكري في صور ، في 11-11-1982 ، تحول هذا الفشل المتراكم
بفضل حضور المقاومة وتنامي قوتها الى اقرار بدخول الكيان في زمن المقاومة ، وهو
ما تقوله المناورات العسكرية التي منحها السيد حيزا مهما من كلامه ، وموضوعها هو
الإتسعداد لمواجهة خطر هجوم للمقاومة في شمال فلسطين ، وبالمثل فشل المشروع
الأميركي الذي تأسس على ما بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي في فرض الهيمنة على
العالم ، وبفضل تراكم مصادر المواجهة والممانعة لهذه الهمينة ، ولدت بيئة دولية
مختلفة لم يعد ممكنا لهذا المشروع أن يتقدم فيها ، لكن الأصل في إصابة المشروع
الأميركي في الصميم كان صمود محور المقاومة وخصوصا مثلث إيران وسورية
وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن ، وهذا الفشل الذي كانت ظاهرة
التوحش التي مثلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب آخر المنتجات الأميركية لتجاوزه ،
تعمق معها وانتهى بفشل الترامبية ومعها فشل اميركا كنموذح وربما كدولة وكيان ،
وصار النجاح بالخروج من ازمة الدولة والكيان مشروطا بالتسليم بفشل المشروع ،
وبدلا من ادخال محور المقاومة في الزمن الأميركي إنتقل الأميركي الى عقدة زمن
محور المقاومة الذي كان الأساس في الفشل الخارجي وتاليا التأسيس للفشل الداخلي .
- في هذا المناخ يصبح طبيعيا ان لايعير السيد نصرالله إهتمام للتحليلات التي تتحدث عن
صلة مفاوضات ترسيم الحدود بالتطبيع ، فالذي يفشل ويحتضر هو المشروع افسرائيلي
والذي يتقدم وينتصر هو المقاومة ، والتي لولاها ما إضطر الإحتلال لسلوك التفاوض
طريقا لمصلحة إستثمار ثروات لا أفق لبلوغها دون نيل لبنان حقوقه ، حيث تملك
المقاومة قدرة المنع والردع ، وتصير العقوبات الأميركية على النائب باسيل فرصة
لتظهير مرحلة جديدة وطنيا ركيزتها تطوير التحالف مع التيار الوطني الحر الذي
تحرر من الإبتزاز وصار أكثر إستقلالية وقدرة على المضي قدما ، وصار التحالف
متحررا من حسابات تفادي العقوبات ، خصوصا بعدما ظهرت معادلات الإستعمال
الوظيفي لتهم الفساد ، والأهم أن مسارا لبنانيا للإنقلاب الداخلي على المقاومة قد إنتهى
مع العقوبات بعدما إختبرت كل المسارات الأخرى للفتنة ، وبصورة أخص منذ تشرين
العام الماضي ، ومع الفشل الدولي الأميركي والفشل الإسرائيلي الإقليمي ، فشل داخلي
توجته العقوبات .
2020-11-12 | عدد القراءات 17056