روسيا وتركيا وسورية والوقت الأميركي الحرج هل يستفيد لبنان ؟ نقاط على الحروف

ناصر قنديل
- بينما كان العالم منشغلا في معرفة إسم المرشح الرئاسي الأميركي الذي تؤيده موسكو ،
كنا منشغلين بوضع اللمسات الأخيرة على خطة شهور الإنتقال بين ولايتين رئاسيتين
أميركيتين ، سواء للرئيس نفسه أو لرئيس آخر ، هذا الكلام المنسوب لمسؤول في
الفريق الروسي المتابع للسياسة الدولية ، تبدو ترجمته قد بدأت عمليا على جبهتين
محوريتين في مفهوم الأمن القومي الروسي ، هما جبهة القوقاز والجبهة السورية ،
حيث ليس من باب المصادفة أن يتزامن ظهور دور الراعي الروسي في تثبيت وقف
النار في ناغورني كاراباخ مع انعقاد المؤتمر الخاص بعودة النازحين السوريين الى
بلادهم ، وليس خافيا أن الحركة الروسية في الملفين تقتنص الإنجاز من موقع الإشتباك
مع مصالح وسياسات أميركية وإسرائيلية واضحة ، وبالإحتكاك مع حركة تركية لا
تنضبط تحت السقف الروسي وتسير على حافة خطوط التماس .
- في أذربيجان قواعد عسكرية أميركية و نقاط إرتكاز إسرائيلية تتصل بمشروع الحرب
مع إيران ، وفي أرمينيا حكم يدور في الفلك الأميركي ، وفي حرب ناغورني كاراباخ
بين أذربيجان وأرمينيا تمثل تركيا مشروعا خاصا بالتنسيق مع أذربيجان في مواجهة
أرمينيا ، والحركة الروسية تتوج سريعا وبأمر عمليات ينقل مئات الجنود من الشرطة
العسكرية الروسية وآلياتهم ، لفرض وقف للنار ، في منطقة تتوسط دولتين غير
مواليتين ، للسياسات الروسية ولكن في بيئة جغرافية إستراتيجية لم يعد ممكنا تجاهل
ثقل الحضور الروسي فيها ، خصوصا مع متغيرات السنوات الأخيرة وما شهدته من
تصاعد في الحضور العسكري الروسي ، وترسم موسكو خطوط حمراء للدور التركي
، وتضع ارمينيا مجددا تحت إبطها ، وتنتشر قواتها على خط تماس مع أذربيجان
وبرضا حكومتها ، بصورة تجعل مشهد الإنتشار الأميركي والروسي في جغرافيا
واحدة شبيها بالمشهد السوري .
- في سورية يتصدر الرئيسان السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين ، الدعوة
لإنعقاد مؤتمر النازحين عبر لقاء جمعهما قبل يوم من انعقاد المؤتمر المخصص لعودة
النازحين ، وملف العودة منذ سنتين موضوع إهتمام الرئيس الروسي الذي أطلق مبادرة

خاصة تجمدت عند خطوط الإشتباك مع الأميركي ، والإلتزام العربي والأوروبي
والأممي بالسقوف الأميركية ، لكن هذه المرة نجح المؤتمر بإجتذاب مشاركة الأمم
المتحدة ، ودولة الإمارات ، ومشاركة لبنانية وازنة ، وبدا ان المؤتمر قد تزامن مع
قرارات سورية تشجيعية ذات أهمية لضمان العودة الواسعة ، سواء عبر ما أعلنه
الرئيس الأسد من إتجاه لإتخاذ إجراءات تتصل بالإعفاءات ، أو بضمانات أمنية للذين
كانوا على ضفاف المعارضة ، أو عبر ما ترجمه كلام نائب وزير الخارجية السورية
فيصل المقداد بالإعلان عن توجيهات الرئيس الأسد بتأمين المسكن والمدرسة والطبابة
للعائدين .
- خلال شهور ستكون أميركا في وضع حرج ، في التعامل مع خيارات صعبة لمرحلة
الإنتقال ، وموسكو المستعدة لفرضيات متشائمة لا تعتقد بإمكانية تحققها عبر حماقات
عسكرية وأمنية تخرج الوضع عن السيطرة ، تضع ثقلها لفرض حقائق ووقائع جديدة ،
عنوانها وضع سورية على سكة مسار السلم الداخلي ، وفقا لضوابط جديدة للدور
التركي ، وملف عودة النازحين ومن خلفه مشروع إعادة الإعمار سيكونان على
الطاولة ، مع دعوة مفتوحة للأميركيين للإنسحاب وللإسرائيليين بالتوقف عن العبث ،
ودعوة موازية للأوروبيين والعرب للإنضمام لخيار السلم في سورية ، بينما على ضفة
موازية تتجه موسكو لحسم الوضع في القوقاز ، الذي يشكل الإنسحاب الأميركي
والإسرائيلي سقفا لا يمكن تفاديه للسياق الذي بدأ بإنتشار الشرطة العسكرية الروسية ،
وحيث تركيا أيضا مطالبة بالإنتباه للخطوطالحمر الروسية ، وحيث أوروبا مدعوة
للخروج من سلبيتها .
- لبنان أمام فرصة ذهبية ليكون ملف عودة النازحين من لبنان الى سورية ، الترجمة
الواقعية المتاحة ، والتردد هنا خسارة لبنانية قد يصعب تعويضها إذا ربط لبنان مصير
عودة النازحين السوريين بساعة توقيت غير لبنانية .

2020-11-13 | عدد القراءات 16007