هل يقلب ترامب الطاولة الى فوق ام الى تحت ؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل

- بعدما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقلب الطاولة داخليا عبر رفض
التسليم بنتيجة الإنتخابات يبدو كل شيئ يسير بالإتجاه المعاكس ، ففي الداخل
الأميركي وفي الخارج الدولي تسليم بأن جو بايدن هو الرئيس الأميركي المقبل
، وكلام مستشار الأمن القومي الأميركي المعين من ترامب روبرت أوبراين
عن الإنتقال السلس والفريق الإنتقالي المحترف لبايدن كاف لمعرفة الإتجاه
القادم ، وفي الخارج جرى تسويق نظرية قلب الطاولة لجهة القول بخطوات
تصعيدية حربية سيقدم عليها ترامب ، ومما تداولته وسائل الإعلام الأميركية
من تسريبات من فريق ترامب الحديث عن ضربة لمفاعل نطنز النووي في
إيران ، ثم الكلام عن نصائح أدت لصرف ترامب النظر عن العملية .
- فجأة أعلن ترامب عبر وزارة الدفاع التي غير وزيرها قرار البدء بسحب قواته
تدريجيا من العراق وأفغانستان ، وخطة الوزارة للإنسحاب لا تكتمل قبل نهاية
ولاية ترامب ما يعني أن مواصلتها تحتاج موافقة الرئيس الجديد ، فما هي
خيارات ترامب لقلب الطاولة ، إن لم تكن الضربات العسكرية التي صرف
النظر عنها تفاديا لتداعيات خطيرة ، كما قيل ، وإن لم تكن الإنسحابات التي لن
تكتمل خلال ما تبقى من ولايته ؟
- نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا تبيض فيه صفحة ترامب مضمونه ان
سياسات ترامب غيرت الشرق الأوسط ، فالعقويات أنهكت إيران وجعلت
التفاوض معها أسهل ، والتطبيع الإماراتي والبحريني مع كيان الإحتلال فتح
طريقا لفك العلاقة بين التعاون العربي "الإسرائيلي" والقضية الفلسطينية ، لكن
فورين بوليسي التي تعتبر أن ترامب قلب الطاولة وإنتهى تتجاهل أن إستنتاجها
بتغيير الشرق الأوسط متسرع جدا ، فمن قال أن التفاوض مع إيران بات أسهل
، والمعلوم أن إيران لن تفاوض من خارج إطار الإتفاق النووي ، غما لم يعد
الأميركي سواء كان غسمه ترامب أم بايدن إلى الإتفاق وأطره وقواعده
للتفاوض ، لا تفاوض مهما بلغت العقوبات ومهما بلغت التهديدات ، وهما أراد
الأميركي من الإنسحابات .

- في الشرق الأوسط القضية ليست حل النزاع العربي "الإسرائيلي" وقد صارت
المقاومة هي اللاعب الرئيسي وليس النظام العربي الرسمي الذي فشل فشلا
ذريعا في نظريته التي صاغها انور السادات بأن 99% من أوراق اللعبة بيد
أميركا ، بينما اليوم المعادلة هي أن 99% من أمن إسرائيل بيد المقاومة ، فماذا
ستفيد تفاهمات التطبيع مع دول لا تمثل تهديدا لأمن الكيان ، بينما التهديد الذي
تمثله المقاومة يتزايد ، وما يحتاجه الكيان قبل الوفود السياحية الإماراتية هو
الإطمئنان إلى وجوده وأمنه .
- الصواريخ التي تساقطت على السفارة الأميركية في بغداد تقول ان على
الاميركي أن يختار بين الإنسحاب تحت النار أو الذهاب لإتفاق مضمونه التسليم
بالسيادة العراقية الكاملة ، ومثلها في سورية ، وفي الحالتين التسليم بسقوط
مشروع الهيمنة ، والصواريخ التي سقطت قرب تل ابيب تقول ان أمن الكيان
لن يجلبه التطبيع .
- ما يفعله ترامب ليس موجها ضد محور المقاومة بقدر ما هو موجه لبايدن
بمحاولة خلق وقائع تربك مسيرته الرئاسية ، وقائع متناقضة بين مناخ تصعيدي
مع محور المقاومة ، وإنسحابات تترك الساحة فارغة أمامه ، وهي في
مضمونها تسليم بأن زمن ترامب ينتهي وزمن جديد يبدأ ، ليس أكيدا انه زمن
بايدن ، فمن يملك الأرض يملك الزمن ، والكلمة الفصل لم تقل بعد .

2020-11-18 | عدد القراءات 3035