- يعرف حكام الخليج ان التطبيع الذي جمعهم بكيان الاحتلال برابط مصيري لا ينبع من
اي وجه من وجوه المصلحة لحكوماتهم ولبلادهم ، فالتطبيع يرفع من درجة المخاطر
ولا يخفضها إذا إنطلقنا من التسليم بالقلق من مستقبل العلاقة مع إيران ، والتطبيع
مكاسب صافية لكيان الإحتلال إقتصاديا ومعنويا وسياسيا وأمنيا ، ولذلك فهم يعلمون
أنهم قاموا بتسديد فاتورة أميركية لدعم كيان الإحتلال من رصيدهم وعلى حسابهم ،
ويحملون المخاطر الناجمة عن ذلك وحدهم ، خصوصا أن الأميركي الذي يمهد
للإنسحاب من المنطقة بمعزل عن تداعيات أزمات الإنتخابات الرئاسية ونتائجها ،
ولذلك فقد تم إطعام حكام الخليج معادلات وهمية لبناء نظام إقليمي يكشل التطبيع
ركيزته يحقق لهم توازن قوة يحميهم ، فما هو هذا النظام الإقليمي وما هي الجغرافيا
السياسية التي يسعى لخلقها ؟
- تبلورت خلال الأسابيع الماضية صورة الخرائط التي يسعى الأميركي لتسويقها كنواة
للنظام الإقليمي الجديد عبر أربعة محاور ، الأول محور البحر الأحمر الذي يضم
مصر والسودان كشريكين في التطبيع ، والثاني محور "الشام الجديد" الذي أعلن عنه
كحلف أمني إقتصادي يضم مصر والأردن والعراق ، والثالث محور العبور ويضم
الأردن والسلطة الفلسطينية ، والرابع محور الطوق ويضم السلطة الفلسطينية والأردن
والعراق ، فيما يتولى كيان الإحتلال المشاغلة الأمنية لسورية والمقاومة ، ويوضع
لبنان تحت ضغط الأزمة الإقتصادية والسياسية والفشل الحكومي وضغوط ترسيم
الحدود .
- عمليا يفقد النظام الإقليمي الموعود كل قيمة فعلية إذا لم ينجح المحور الرابع الذي يتمثل
بالسلطة الفلسطينية والأردن والعراق في الإنضمام لخط المواجهة مع محور المقاومة ،
فالتعقيدات الفلطسينية أمام الجمع بين محور العبور أي حماية قوافل التطبيع العابرة من
الكيان الى الخليج وبالعكس ، ومحور الطوق الذي يراد منه عزل سورية ، كبيرة جدا
في ظل التبني الأميركي لخيارين بحد أعلى هو تصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان
مضامين صفقة القرن وحد أدنى هو التفاوض لأجل التفاوض دون تقديم اي ضيغة
قادرة على انتاج تسوية يمكن قبولها وتسويقها فلسطينيا ويمكن قوبلها وتسويقها
اسرائيليا ، والأردن المثقل بضغوط القضية الفلسطينية من جهة وبالتشابك العالي
ديمغرافيا واقتصاديا وامنيا مع سورية معرض للإنفجار بدوره في حلف عبور قوافل
التطبيع في آن واحد ، والعراق المطلوب فك ارتباطه العميق بإيران عبر نقل اعتماده
على الغاز والكهرباء من مصر بدلا من ايران ، واشراكه بحصار سورية رغم تشابك
لا يقل عمقا بينه وبينها ديمغرافيا واقتصاديا وأمنيا معرض هو الآخر للإنفجار تحت
هذه الضغوط .
- المشاغلة الإسرائيلية على جبهتي جنوب لبنان والجولان محاولة للرفع معنويات
المدعوين للمشاركة في النظام الإقليمي الحديد ، بأدوراهم الجديدة ، والنجاح الأميركي
بالضغط في لبنان وفي سورية يبدو قادرا على شل المبادرة على هاتين الجبهتين ، لكن
الأكيد ان لا تعديل في موازين القوى الميدانية التي تقلق كيان الإحتلال من جهة ، ولا
قدرة إسرائيلية على رفع المشاغلة الى درجة الحرب ، والأميركي الذي يريد هذا النظام
افقليمي بديلا للوجوده تمهيدا للإنسحاب ليس بوارد هذه الحرب ، وتجميد لبنان تحت
الضغوط الأميركية يشكل مصدر إستنزاف وغرباك للمقاومة لكنه لا يعدل في مصادر
قوتها ولا يعدل في مواقفها ، ومزيد من الضغوط المالية والإنسداد السياسي سيذهب
بلبنان للإنفجار وفتح الباب لخيارات تخرج الوضع عن السيطرة .
- التحدي هو فيما سيحدث عندما ينسحب الأميركيون ، حيث سينهار النباء الذي يراهن
عليه الأميركيون ، ويتداعى وضع الأردن والسلطة الفلسطينية والحكومة العراقية ،
ويعود الوضع الى معادلة حرب كبرى لا قيمة لها دون مشاركة أميركية في ظل العجز
الإسرائيلي عن تحمل تبعاتها ، أو تسوية أميركية مع محور المقاومة تبدأ من العودة
للتفاهم النووي الإيراني ، يصير معه ثنائي حكام الخليج وكيان الإحتلال على ضفة
الخاسرين ويبدأ المدعوون للإنضمام للنظام الإقليمي الحامي للتطبيع بالإنسحاب هربا
من شراكة الخسائر .
- جغرافيا
2020-11-21 | عدد القراءات 3137