ناصر قنديل
- اعقبت عملية إغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة الموصوف بشيخ الملف النووي
الإيراني ، مساع ومواقف ووساطات لثني إيران عن القيام برد على العملية ، تخطت دعوات الأمين
العام للأمم المتحدة بضبط النفس ومناشدات الدول الأوروبية بعدم التصعيد ، وتجاوزت الوساطات
والضغوط التي عرفتها ايران بعد إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني
، رغم تشابه المساعي مع ما يجري اليوم من سعي تحت الطاولة لإقناع القيادة الإيرانية برد
محسوب ، أسوة بما حصل ردا على إغتيال سليماني ، والجديد هذه المرة هو الإطار السياسي
للمداخلات التي تقوم على إعتبار العملية محاولة اسرائيلية; لإستدراج إيران لرد يبرر التصعيد
والذهاب لحرب ، تريدها قيادة كيان الإحتلال في زمن وجود دونالد ترامب في البيت البيض لجر
الأميركيين لهذه الحرب ، بما لا يملك الرئيس المنتخب جو بايدن القدرة على فرملته او منعه ،
طالما أن الإلتزام بحماية "إسرائيل" وأمنها عابر للحزبين الجمهوري والديمقراطي ، وكان ابرز
الكلام المقال في هذا السياق هو ما قاله المدير السابق للمخابرات الأميركية جون برينان الذي غرد
معلقا على الإغتيال بقوله "كان عملا إجراميا متهورا للغاية، وينطوي على مخاطر انتقام مميت
وجولة من الصراع الإقليمي، وسيكون من الحكمة على القادة الإيرانيين انتظار عودة قيادة أميركية
مسؤولة إلى المسرح الدولي، ومقاومة الرغبة في الرد على الجناة المفترضين" ، في دعوة واضحة
لإيران لعدم الرد وإنتظار وصول بايدن الى البيت الأبيض قطعا للطريق على مشروع التصعيد
الذي يريده الإسرائيليون .
- في طهران نقاش ايضا حول توقيت الرد وطبيعته ، أظهره الكلام عن الرد في الوقت المناسب ،
كما أظهرته بعض تعليقات المحللين الإيرانيين بالحديث عن الرد المحسوب ، فليس لدى للإيرانيين
أي شك بأن محاولة قطع الطريق على فرضية العودة للتفاهم النووي مع إيران من قبل الرئيس
المنتخب جو بايدن كانت موضع الإجتماع الذي ضم وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وولي
العهد السعوي محمد بن سلمان ورئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو ، وما خرج به الإجتماع من
توحيد المقدرات البشرية واللوجستية التي يملكها كل طرف للعمل داخل إيران تحت قيادة الموساد
الإسرائيلي الذي كان رئيسه يوسي كوهين مشاركا في الإجتماع ، وهذا يعني ان الجماعات
المتطرفة في خوزستان الممولة من السعودية ستكون جنبا الى جنب مع جماعات ;مجاهدي خلق
ومعهما محترفو الموساد للقيام بما يتيح قلب الطاولة قبل نهاية ولاية ترامب ، وهو ما كانت عملية
الإغتيال من نتائجه ، بالإضافة لما يوفره إستخدام مرافئ الصيد الإماراتية القريبة من السواحل
الإيرانية من فرص لنقل المعدات وتهريب الأفراد .
- يتطلع الإيرانيون لفتح صفحة جديدة مع جو بايدن ، لكنهم واثقون في ظل الإنقسام الأميركي الداخلي
الحاد حول الخيارات التي عبرت عنها الإنتخابات ، وفي ظل تحرك الحلف الثلاثي لترامب
ونتنياهو وحكام الخليج ، لا يمكن لبايدن أن يخطو اي خطوة جدية نحو العودة للتفاهم النووي ،
ومعاكسة الإتجاه الذي رسمه ترامب ، ما لم يتلق الثلاثي صفعة كافية لإثبات عجزه عن تغيير
معادلات المواجهة مع إيران ، والعملية إثبات معاكس ، تقول ان من الممكن الرهان على إضعاف
إيران ، ومن الممكن اللجوء الى خطوات تكيتيكية رادعة بوجهها ، واذا مرت العملية دون رد
فسيكون هذا المنطق قد ربح جولة عنوانها وضع بايدن تحت ابط نتنياهو فيما يخص الملف النووي
مع إيران ، ولذلك تقول خلاصة النقاش الإيراني أن ترجمة الحرص على التهيئة لمناخ مختلف مع
إدارة بايدن ، تبدأ من إثبات سقوط منهج بومبيو نتنياهو وبن سلمان ، والخطوة الأولى هنا هي رد
رادع يقول ان كلفة العبث مع ايران فوق طاقة تحمل العابثين .
- رد رادع لا يشعل حربا ، قبل نهاية ولاية ترامب ، هو هدف ايراني بدونه ستجرجر نتائج الإغتيال
ومعادلاته ذيولها خلال ولاية بايدن ، وسيكون ثلاثي اجتمع نيوم قد دخل شريكا مباشرا في اي
مفاوضات قادمة بين طهران ومجموعة الخمسة زائدا واحدا ، ان قيض لهذه المفاوضات ان تستأنف
، وهذا هو المعنى الرمزي التصعيدي لتوصية البرلمان الإيراني ، الذي لا يغني عن رد بحجم
الإغتيال
2020-11-30 | عدد القراءات 1570