- في حمأة التطورات الصاخبة التي تقض مضاجع اللبنانيين سواء بحصار وباء كورونا ومخاطره او
تفاقم الأوضاع الإقتصادية والمالية والمجهول الذي ترسمه مع ضياع مليارات الدولارات في دعم
الفوضى المالية والاقتصادية والإقتراب من حافة وقف الدعم او التقشف الذي سيعني ارتفاع اسعار
المحروقات وتقنين الكهرباء في الحد الادنى ، لا يلام اللينانيون على عدم ملاحظة الإنجاز الكبير
الذي تحقق في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية .
- الغيظ الذي يعبر عنه قادة كيان الإحتلال ليس المصدر الوحيد لفهم ما يجري على مستوى التفاوض
، رغم الضجيج الداخلي الذي استهدف المفاوضات من زوايا تشكيكية هدفت بمعزل عن النوايا الى
اضعاف وهج الموقف اللبناني التفاوضي الذي التزم باطار التفاوض غير المباشر والضوابط التقنية
والعسكرية للمفاوضات .
- في الجوهر لم ينجح الأميركي والإسرائيلي في نيل أي مكسب سياسي أو إعلامي يوحي بأن ثمة
تنازل لبناني في الشكل يتيح وضع التفاوض في السلة ذاتها عم ما يجري من حملات انضمام عربية
لمسارات التطبيع وبالتالي يصير ترصيد الرباح والخسائر محصورا بما يجري على طاولة
التفاوض .
- هنا تكمن القضية ، ماذا جرى على طاولة التفاوض ؟
- قبل المفاوضات كان لبنان بنظر الأميركي والإسرائيلي محاصرا بثلاثة خطوط افتراضية ، الأول
هو خط الترسيم اللبناني القبرصي الذي تم في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2007 ومنح
كيان الإحتلال كل منطقة البلوكات التي تصنف بالمتنازع عليها ، والمتعارف بتسميتها منطقة
ال860 كلم مربع ، والثاني هو خط الترسيم الذي سجله لبنان لدى الأمم المتحدة عام 2011
واختفظ بحق تعديل نتائجه ، لكنه وفقا لمعطيات تلك المرحلة يمنح لبنان فرصة تصحيح خطأ ترسيم
السنيورة والمطالبة بكامل ال860 كلم مربع كحقوق لبنانية ، وبين الخطين خط ثالث هو خط رسمه
المبعوث الأميركي فريدريك هوف ويمنح لبنان 540 كلم مربع من ال860 ، وقد جاء المفاوض
الإسرائيلي الى المفاوضات بسيناريو التمسك بخط السنيورة متوقعا تمسك لبنان بخط ال2011
ليصبح خط هوف هو موضوع التفاوض .
- دخل لبنان المفاوضات بخرائط ووثائق مرجعية ومطالعة قانونية تضمن له حق الحصول على ما
يقارب ال2200 كلم مربع وفقا لاعتبار نقطة رأس الناقورة قاعدة انطلاق الترسيم ، وطالما ان
جلسة التفاوض التي عرض فيها لبنان خرائطه ووثائقه هي الأولى بين الفريقين وبحضور أممي
ومشاركة اميركية فقد نسفت الصيغة اللبنانية الجديدة كل ما قبلها ، وصارت هي الصيغة الرسمية
اللبنانية الوحيدة المعتمدة والمسجلة لدى الفريقين الأممي والأميركي ولو تم تجميد التفاوض واعلان
فشله فلن يكون ممكنا البحث لاحقا عن ترسيم الحدود الا بالانطلاق من هذه النقطة .
- ان اراد كيان الإحتلال البقاء في التفاوض واستعجال حل يتيح له البدء باستثمار ثروات الغاز فهو
يحتاج الترسيم ، والمناورة التفاوضية الوحيدة المتاحة امامه هي نسف منهجيته السابقة والتسليم
للبنان بكامل ال 860 كلم مربع للتفاوض على حل وسط يقترحه الأميركي بين خط ال860 وخط
لبنان المسمى بخط بصبوص نسبة للعميد مازن بصبوص عضو الوفد المفاوض والخبير البحري
وان اراد الكيان الإنسحاب وتجميد التفاوض فعليه ان يفعل ذلك ايضا أملا ببلوغ قبول لبناني
بالتراجع عن خط بصبوص ضمن منهج التفاوض ليجمد التفاوض عند خط جديد غير خط بصبوص
.
- استمرت المفاوضات او توقفت فلبنان قد حقق انجازا قانونيا وتفاوضيا كبيرا في لحظة ضعف عامة
تصيب لبنان السياسي والاقتصادي وهو اجاز يتسحق التنويه .
2020-11-30 | عدد القراءات 1746