مؤتمر ماكرون تحت الخط الأحمر بإنتظار الشهر المقبل نقاط على الحروف

ناصر قنديل
- ينعقد اليوم مؤتمر مالي دولي بدعوة فرنسية يرأسه الرئيس امانويل ماكرون تحت
عنوان مساعدة لبنان ، والمؤتمر هو بديل عن مؤتمر آخر كان مقررا بالتزامن مع
المسعى الفرنسي لتشكيل الحكومة ، وتم ـاجيله لمرتين ، لكن المؤتمر المؤجل كان
مقررا لإطلاق خطة نهوض مالي بلبنان ، والمؤتمر الحالي بات مخصصا حصريا
للمساعدات الإنسانية لضحايا تفجير مرفأ بيروت ، وهذا التعديل الذي يبدو مرتبطا
بفشل مساعي تشكيل الحكومة ، هو في الواقع اعلان انضباط فرنسي تحت الخط
الأحمر الأميركي ، فلو كان الأمر الذي يفسر التعديل هو الغضب الفرنسي مما سماه
الرئيس ماكرون بالفشل السياسي اللبناني لكان الرد المناسب هو مواصلة التأجيل وربما
الإنسحاب الكامل ، فلماذا التعديل ؟
- الخط الأحمر الذي رسمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب واضح ، لا حكومة ولا
خطط انعاش مالي ولا مساعدات من صندوق النقد الدولي ، انسجاما مع سياسة
الضغوط القصوى الهادفة لمحاصرة حزب الله ، ومن ضمن هذا الخط الأحمر
الأميركي تجميد المبادرة الفرنسية ، وبالتوازي لا يريد الأميركي بلوغ لبنان الإنهيار
الكامل لإيقاء الضغط المجدي بأمل إحداث إختراق سياسي لصالح معادلته القائمة على
جعل حصار لبنان مدخلا لحصار لبناني على حزب الله ، بينما الإنهيار يعني جمع
اللبنانيين مع حزب الله كضحايا للحصار ، وهذا يعني ان المطلوب بقاء لعبة القطارة
في ضخ الأموال بما لا ينعش ويعيد الى الحياة ولا يمسح بالموت السريع .
- مؤتمر باريس للمساعدات الإنسانية مدخل لضخ كمية من الأموال تتيح مواصلة التنفس
الإصطناعي ، الذي يحتاج لجرعات متكررة مماثلة ، ربما كل شهر ، وفي عقل
ماركون ان الإنضباط تحت السقف الأميركي المتصلب لن يطول ، فالعلاقة بين
ماكرون والرئيس المنتخب جو بايدن فتحت قنواتها ، وطريق بايدن نحو البيت الأبيض
فتحت قنواتها هي الأخرى أيضا ، ورهان ماكرون على ما سيحمله الشهر القادم ،
ينطلق من أن بايدن يريد من ماكرون أشياء كثيرة ، تبدأ من احياء حلف الناتو ،
وانعاش العلاقة الأميركية الأوروبية ، والتمهيد لإطلاق مفاوضات الخمسة زائد واحد
مع ايران من ضمن الإتفاق النووي ، واعادة ترتيب أوراق العلاقات الغربية الروسية
بالشراكة الأميركية الفرنسية ، لكن ماكرون يريد من بايدن شيئا واحدا هو رد الإعتبار

لمكانة فرنسا في السياسات الإقليمية ، ومن ضمنها مصالح فرنسا الحيوية في مناطق
نفوذها التقليدية ، وماكرون يعلم ان نفوذ فرنسا ومصالحها حيث التصادم مع التوسع في
الدور التركي ملف معقد لا يمكن توقع نتائج سريعة فيه عبر التعاون الفرنسي الأميركي
، بينما في لبنان يختلف الأمر ، سواء لجهة التسليم الأميركي بتاريخية الدور الفرنسي
أو بحجم تحضير الشركات الفرنسية لملفاتها التي تخص قطاعات لبنانية حيوية ، أو
لأن منهج ماكرون في مقاربة الحلول السياسية في لبنان يتقاطع مع منهج بايدن
المفترض في مقاربة الأزمات السياسية الإقليمية ، خصوصا النظرة الأميركية لماهية
العلاقة مع إيران ومن ضمنها النظرة الفرنسية لمضمون للعلاقة مع حزب الله .
- المعادلة التي يكشفها مؤتمر باريس يمكن أن تقول ان لا حكومة في المدى المنظور ،
ولا اعلان فشل بالمقابل ، وجرعات محدودة للأمل بولادة حكومة ، يوازي الأمل
بالمساعدات ، وبالقدر الذي يبدو الخط الأحمر الأميركي واضحا تحت عنوان لا
حكومة ولا مساعدات ، يبدو المسعى الفرنسي واضحا ، قليل من المساعدات وقليل من
الأمل بالحكومة .

2020-12-02 | عدد القراءات 3111