- بعد إعلان الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن عزمه العودة الى التفاهم النووي مع
إيران ، وبعد اعلان الرئيس دونالد ترامبه قبوله تسليم الرئاسة بعد اجتماع المجمع
الإنتخابي ونطقه بفوز بايدن ، وهو ما بات محسوما ، صار العالم والمنطقة في دائرة
البحث عن التداعيات التي ستلي العودة الأميركية للتفاهم النووي ، طالما تراجع بايدن
عن شروط مسبقة تتصل بالتفاهم على ملفات خلافية أخرى رفضت إيران اي بحث بها
، وصار التطابق الأميركي الإيراني على معادلة ، عودة غير مشروطة مقال التزام
ايراني بموجبات التفاهم ، وبعدها يكون التفاوض من داخل اطر التفاهم نفسه .
- لو لم يكن للتفاهم من تداعيات خطيرة على كل من كيان الإحتلال وحكام الخليج ، لما
كان هذا الإستنفار الذي جمعهم مع ترامب على قرار الإنسحاب من التفاهم وتصعيد
الضغوط على إيران ، ومعلوم ان العودة للتفاهم ستعني حكما رفع العديد من العقوبات
الرئيسية التي تستهدف الإقتصاد والأموال الإيرانية ، والقدرة الإيرانية على المتاجرة
بنفطها وغازها وسائر مصادرها الإقتصادية ، والمعلوم أيضا ان ايران ستقوم بمد يد
العون بصورة اقوى لقوى المقاومة في المنطقة كلما انفرجت اوضاعها المالية
والاقتصادية ، وهذا كان احد الذرائع التي اوردها ترامب للإنسحاب من التفاهم .
- الأسئلة تطال ملفات المنطقة الإقليمية ، حيث يتم تداول تقارير وتحليلات تطمئن
جماعات أميركا الى ان العودة للتفاهم لا تعني تغييرا في الاوضاع في لبنان وسورية
وسائر ساحات الإشتباك الإقليمية ، وهنا يتم التداول بثقة بأن القوات الأميركية باقية في
سورية ، وأن مشروع بايدن لتقسسيم العراق عائد الى الواجهة ، وأن تقسيم سورية
سيليه ، وان الضغط على حزب الله في لبنان سيتزاذيد لصالح تعويض اسرائيل
خسائرها من العودة للتفاهم بمكاسب من رصيد مكانة حزب الله ومصادر قوته ،
وبالمثل تتحدث التقارير ذاتها عن تعويض الخسارة الخليجية بعودة التفاهم بحل سياسي
للأزمة اليمنية تكون يد السعودية والامارات هي العليا .
- التدقيق في هذه التقارير يكشف بسرعة سطحيتها او انتمائها الى مدرسة حرب نفسية
هشة تريد رفع معنويات جماعة أميركا في المنطقة ، او اصابة معنويات جمهور قوى
المقاومة ، فالتفاهم النووي لم يكن يوما نوويا ، بقدر ما كان محور ومرز ملفات
التصادم في المنطقة ، ولذلك عندما بلغت الادارة الاميركية في عهد باراك اوباما وجو
بايدن الى طريق مسدود في المواجهة في سورية ، ذهبت الى توقيع التفاهم النووي ،
فالحرب ليست فصولا منفصلة ، بل هي جسد واحد ، لأنه في نهاية المطاف كل ملف
من ملفات المنطقة يوصل الأمور الى واحد من خيارين التسوية أو الحرب ، ومن يعود
للتفاهم النووي وهو الحلقة الأصعب لأنه اختار التسوية بدلا من ان يختار الحرب ، فلن
يفعل شيئا آخر غير الذهاب للتوسيات في سائر الملفات ، طالما خيار الحرب مغلقا ،
ولو كان متاحا لما كانت العودة للتفاهم .
- السعي الأميركي يبدأ مع العودة للتفاهم الى البحث عن مسارات مناسبة لملاقاة خيار
العودة للتفاهم في ملفات النزاع ، ففي العراق سيكون السؤال هل هناك من يحمي
التقسيم الذي كانت فرصه الأفضل عندما اعلنت كردستان العراق إنفصالها وتراجعت
لأنها تبلغت قرارا أميركيا بعدم القدرة على الذهاب الى حرب ، وهذا في عهد ترامب ،
فكيف في عهد بايدن ، وفي سورية سيكون الأسهل الذهاب للوقوف وراء روسيا
لترتيب توزيع الأوراق والأدوار مع الأكراد والأتراك تمهيدا للخروج من سورية ،
وفي لبنان سيكون سهلا التموضع وراء فرنسا وتسهيل فوزها بفرصة انجاح المبادرة
التي قدمها الرئيس امانويل ماكرون ، على قاعدة الانفتاح على حزب الله وتحييد
الخلاف الأميركي معه عن اعادة تكوين السلطة عبر حكومة تتولى قيادة مرحلة انقاذية
بدعم مالي دولي ، أما في اليمن فالكلام واضح عن سعي بايدن لوقف الحرب من موقع
اعتبار العدوان السعودي جريمة يجب ان تتوقف .
- التراجع في الملف الأصعب يعني التراجع في الأقل صعوبة ، ومرحلة جديدة كليا
توشك ان تبدأ في المنطقة .
2020-12-05 | عدد القراءات 16209