بايدن لا يملك ترف الوقت نقاط على الحروف ناصر قنديل

- رغم محاولة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب العودة الى التذكير بفوزه
بالإنتخابات ، فإن أحدا في أميركا ولا في العالم يتعامل مع رتامب الا بصفته مرحلة
زائلة من الحياة السياسية الأميركية والدولية ، وقد بدأ الأميركيون في ظل المرحلة
الإنتقالية يستعدون لملاقاة تسلم الرئيس المنتخب جو بايدن لمقاليد السلطة ، فيما العالم
من اصدقاء واشنطن وخصومها ستعد لهذه المرحلة .
- يتخيل البعض من المتعلقين بمشروع الهيمنة الأميركية ان الخيارات مفتوحة اما بايدن ،
سواء كان تعلق هؤلاء فكريا من موقع الإلتزام العقائدي بالعدائي لكل ما هو تحرري
في العالم ، أو سياسيا من موقع رهاناتهم على الدور الأميركي كرافعة لمشاريع
حصدت الفشل تلو الفشل مع تغير العهود الأميركية من جورج بوش الى باراك أوباما
الى دونالد ترامب ، وسقطت هذه المشاريع في سورية والعراق وفلسطين واليمن ولبنان
، او وجوديا ، كحال الذين ذهبوا في التصعيد الى حيث لارجعة خصوصا في الخليج
وكيان الإحتلال ، ويخشون اي انكفاء أميركي وانعكاساته على موازين المنطقة ونشوء
معادلات جديدة .
- ليس أمام بايدن ترف الخيارات ، بعدما بلغت خيارات ترامب سقفها خلال أربع سنوات
وظهرت محدودية قدرتها على انتاج توازنات جديدة ، رغم وحشيتها وجلبها للخراب
واستنادها الى التجويع ، وبلغت الأمور حدا صارت فيه الخيارات ضيقة ، بين الذهاب
للحرب او الذهاب للتسوية ، والتسوية هي فتح صفحة جديدة مع القوى التي خاض
ترامب حربه ضدها ، صفحة الإعتراف بالوقائع والحقائق التي أنتجتها المواجهة ،
والتي تقول بأن التوازنات لم تتغير رغم الحصار والجوع ، وأن المعادلات لم تتبدل
رغم الإغتيالات وحشد الأساطيل ، فهل يملك بايدن قدرة الذهاب للحرب ، وان لم يكن
هذا هو الخيار فالبديل الوحيد هو اعودة لمنطق التسوية ، الذي اكتشف ثنائي اوباما
وبادين انه خيار وحيد ، وجاء التفاهم النووي مع إيران نتاج هذه الحتمية ، وتشكل
العودة للتفاهم ترجمة أولى لثبات هذه الحتمية .
- ليس أمام بايدن ترف الإنتقائية ، في إنتقاء وجهة ترجمة حسم الخيار ، سواء كان
الحرب ام التسوية ، وطالما هو التسوية ، فما يعمله بايدن كمخضرم في السياسة الدولية
، ويعلمه معه فريقه الذي يملك ما يكفي من الخبرة ، أن التفاهم النووي مع إيران هو

محور التحولات التي يريد إحداقها في العلاقات الدولية لبدء صفحة جديدة من التفاوض
الهادئ مع الحلفاء والخضوم ، فإنسحاب ترامب من التفاهم النووي هو مصدر الفرقة
بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين وهذه الفرقة مزقت حلف الناتو ، والإنسحاب من
التفاهم النووي هو مصدر تحول الخلاف مع روسيا والصين الى مواجهة مفتوحة ،
طالما ان فلسفة الخروج من التفاهم تقوم على الغاء الخصوم ، وضرب عرض الحائط
بالإتفاقات والمواثيق الدولية والإلتزامات التي تفرضها ، والعودة الى التفاهم ترد
الإعتبار للمؤسسات الدولية من المؤسسة الأم التي تمثلها الأمم المتحدة الى الوكالة
الدولية للطاقة الذرية .
- يدرك بايدن وفريقه أيضا أنهم لا يمكلون ترف الوقت ، فما فعله ترامب كان كافيا لخلق
الشك بلاجدوى التفاهمات مع واشنطن ، وانتاج رأي عام غاضب ينتظر الإنتقام من
الجرائم ، وتسييل فائض القوة لفرض معادلات جديدة ، والإستحقاقات المقبلة في إيران
تجعل الوقت داهما ، فخلال ستة شهور ستختار إيران رئيسا جديدا ، والإستحقاق
سيكون جوابا على السياسات الأميركية التي يمثلها بايدن ، وهذه المرة سيكون البقاء
تحت سقف التفاهم النووي والتزاماته على المحك ، كما اشار قرار مجلس الشورى
الإيراني ، الذي قرر تعليق هذه الإلتزامات .
- مستقبل بايدن على المحك ومعه مستقبل التفاهم النووي ، ومستقبل الكثير الكثير من
معدالات المنطقة والعالم ، وليس الأمر ولم يكن ولن يكون ، كرم أخلاق بايدن أو سوء
نواياه .

2020-12-07 | عدد القراءات 7015