التحقيق يزيد اقترابنا من الفوضى بدلا من تخليصنا منها نقاط على الحروف ناصر قنديل

ناصر قنديل

  • ليست القضية اليوم بعد صدور ادعاء المحقق العدلي فادي صوان على رئيس الحكومة حسان دياب ، هي في حملة التضامن التي لقيها دياب ، والتي جاءت ردا عفويا على مظلومية شعر بها أغلب اللبنانيين ، وإستضعاف وإستهداف لا مبرر لهما في قضية تفجير المرفأ ، الناجم أصلا عن محطات تبدأ بكشف الأغاز وصول الباخرة المحملة بالمتفجرات ، بغياب جهة تصدير واضحة وناقل واضح وجهة مستوردة واضحة ، وتمر بفك الألغاز القضائية والأمنية المتصلة بالتغاضي عن بقاء هذه المتفجرات وإهما لمعالجاتها رغم معرفة مؤسستين كبيرتين هما الجيش والقضاء بخطورة المواد ، والتعامل معها ، إما طبريقة تعليمات قضائية بتعويم الباخرة ، أو تعلميات عسكرية ببيع المتفجرات مع عنوان للمشتري ، وتصل الى فك شيفرة ما إذا كانت هذه المتفجرات قد شكلت مصدرا لتجارة تحت الطاولة ممتدة لسنوات ، وما إذا كان لها صلة بتغذية جماعات إرهابية بهذه المتفجرات ، وآخر شيئ والأقل أهمية ، بعد كشف هذا التسلسل الجرمي ، البت بمسؤوليات التقصير والإهمال لدى المسؤولين السياسيين ، الذين يشكلون في أحسن الأحوال سلطت وصاية على أربع جهات لها إستقلالية إدارية وقانونية ، هي الجمارك ومرفأ بيروت والهئات القضائية وقيادة الجيش ، والسياسيون مسؤولون طبعا بصفتهم سلطة سياسية ، لكن الذي ننتظره من التحقيق هو الكشف عما إذا كان لبعضهم تورط جرمي في التغطية المتعمدة على بقاء هذه المتفجرات .
  • ما ينتظر من التحقيق المساعدة على فهم سياقين سياسيين ولدا بالتزامن والتوازي مع تفجير المرفأ ، والإجابة عما إذا كان لهما ثمة علاقة به ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، الأولى هي مسار التطبيع الخليجي الإسرائيلي ، وقد صار مكشوفا حجم الرهان الإسرائيلي على إحتلال مرفأ حيفا لمكان ومكانة مرفأ بيروت في تجارة الترانزيت للخليج ، والثانية هي المنصة التي منحها التفجير لمداخلات دولية تحركها مصالح كبرى تتصل من جهة بالنفط والغاز ومشاريع الترسيم ، ومن جهة موازية بفتح الطريقة لوصاية دولية شكل الحضور الفرنسي عنوانها .
  • بعد اربعة شهور شعر اللبنانيون أن سقف ما يسعى اليه التحقيق هو ملاحقة ورقيات الإدارات اللبنانية والمراجع ذات الصلة ، تحت إيقاع حركة تصدرت وسائل التواصل الإجتماعي  ، عنوانها ، كانوا يعلمون ، بينما ما يريده اللبنانيون ، هو من هم الذين كانوا متورطين اولا ، دون اهمال من كانوا يعلمون ، فخبرية التلحيم لم تقنع أحدا ، وكما في حملة كانوا يعلمون، كانت حملات نريد رؤوسا كبيرة ، في خلفية ما صدر من ادعاء ، لكن تم تجاهل الحملة الأهم تحت عنوان ، كلن يعني كلن ، فجاء الإدعاء ببعض مجتزأ من لائحة سبق وراسل بها المحقق العدلي مجلس النواب ، صدمة للرأي العام .
  • لايلام الرئيس دياب الذي صدم من الإتهام والإستهداف ، وإعتبره قتلا للأمل بقيام دولة ، كان يحرص على بثه رغم السواد المهيمن على المشهد السياسي ، عدنما يتلقف كل دعم وتأييد ، وخصوصا عندما يأتيه تأييد رؤساء الحكومات السابقين وفي مقدمتهم الرئيس سعد الحريري ، ولا يلام الحريري الذي تخطى الحاجز السايسي الخلافي ليتضامن مع دياب ، ولا تصح هنا مقولة الطوائف تحمي أبناءها ، كأن الإدعاء كان في مكانه ورسمت بوجهه خطوط حمراء ، فدياب ليس مرتكبا بنظر اللبنانيين لتحميه الطائفة ، بل الإدعاء المجتزأ منح اللعبة الطائفية فرصة التدخل وفرض حضورها ، ولو جاء الإدعاء بالأسماء التي وردت في رسالة المحقق العدلي الى مجلس النواب ومعها اسماء القضاة والقادة العسكريين المعنيين لصفق اللبنانيون ، الذين شكل تضامنهم مع دياب سببا لفتح الباب لرفع متاريس سياسية ، ربما تشكل منعطفا سلبيا في مسار التحقيق ، وربما في مسار النظام القضائي ، بل ربما في مسار دفع لبنان نحو الفوضى ، فهل كان التنسيق القضائي اللبناني الفرنسي في التحقيق سببا للتمهيد للفوضى ، بعدما كان الرهان على التحقيق لأن يشكل منعطفا في مسار القضاء وعبره في مسار بناء الدولة وتجاوز خطر الفوضى ؟

2020-12-12 | عدد القراءات 1783