لبنان يدخل النفق الأسود دون بصيص أمل سياسي أو إقتصادي ...والقلق من الفوضى يتصاعد
تراجع عناصر الجمع بين اللبنانيين بسقوط الليرة والإنقسام حول القضاء ...ويبقى الجيش
الملفات القضائية تنذر بحرب باردة متعددة الجبهات ...والأزمة الإجتماعية تجعلها ساخنة
كتب المحرر السياسي
يقول مصدر سياسي متابع لأوضاع لبنان الحالية ، عاصر من موقع الشراكة الفاعلة ، الحرب الأهلية والمراحل الأشد قسوة في نصف القرن الماضي التي عرفها لبنان ، أن المشهد الراهن يدعو للقلق من تورط اللبنانيين في سيناريو أسود مرعب ، حيث المناخ السياسي لا يحمل ما يوحي بالأمل على مستوى ولادة سريعة لحكومة جديدة ، والأوضاع الدولية والإقليمية التي تقدم لبنان فيها كأولوية خلال الصيف عادت لتنشغل عنه بما هو أهم حتى الربيع المقبل على الأقل ، عندما تكون إدارة الرئيس الميركي المنتخب جو بايدن قد تولت مهام السلطة من جهة ، ورسمت سياق تعاملها مع ملفات حيوية كالملف النووي الإيراني من جهة أخرى ، والأوضاع الإقتصادية والمالية تنذر بدنو ساعة السقوط الشامل والإنهيار الكبير ، مع فقدان مصادر تمويل الاستيراد ، اذا بقي مصرف لبنان عند موقفه برفض استعمال الإحتياط الإلزامي ، والإمتناع عن تخفيض نسبته الى 10% بما يحرير قرابة ستة مليارات دولار تتيح شراء الوقت اللازم حتى تعود الحيوية للمساعي السياسية داخليا وخارجيا ، هذا إذا لم يكن سبب رفض المصرف هو أن ما لديه من إحتياط موجود على الورق فقط وليس في الواقع ، وفي هذه الحالة فالكارثة قادمة لا محالة .
يضيف المصدر أن الإنهيار المالي مع حدوثه سيكون محوره إرتفاع هائل في سعر الدولار ، لن تنجح بتخفيف وطأته كل سياسات الدعم والترشيد ، ولا يمكن تفاديه أو تخفيف ىثاره إلا بحلول سياسية تبدأ بتشكيل حكومة يدعمها الجميع ، لا تبدو ممكنة في الأفق القريب والمنظور ، ويبدي المصدر خشيته من أن يكون لبنان على أبواب الإنزلاق لمرحلة شديدة السواد ، فبعدما فقد اللبنانيون المختلفون على كل شيئ ، الليرة التي كانت توحدهم ، وها هم ينقسمون على القضاء الذي كان حتى الأمس القريب لا يزال مصدر أمل وعنوانا لثقة جامعة بين اللبنانيين رغم الملاحظات التي يسوقها البعض يمينا ويسارا ، مشيرا إلى أن الإنقسام حول القضاء اليوم لا مثيل له في التاريخ اللبناني ، فالمعلومات المتداولة حول التحقيقات في ملف تفجير مرفأ بيروت تشير الى تصادم حاصل لا محالة بين منهج المحقق العدلي مدعوما من مجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين وشرائح سياسية أغلبها في الساحة المسيحية في السلطة وخارجها ، يقابله تمسك مجلس النواب بمنهج معاكس تدعمه شرائح سياسية أغلبها في الساحة الإسلامية في السلطة وخارجها ، والحمايات الطائفية التي ظهرت بوجه إستدعاءات المحقق العدلي المضافة للنزاع حول الصلاحيات الدستورية ، تبدو حاضرة أيضا في ملفات قضائية أخرى لا جدال دستوري فيها حول الصلاحيات ، كما هو الحال مع الملفات المثارة بوجه شخصيات عسكرية .
يقول المصدر أن الأزمة الإجتماعية المهيأة للإنفجار ، في الأسابيع الأولى من العام المقبل ، ستقع على أرضية سياسية منقسمة طائفية ، وستتكفل في ظل غياب قيادة مجمع عليها لحراك شعبي مطلبي او سياسي ، بمنح الكثير من ابسخونة للحرب الباردة التي نشهدها تحت العنوانين الحكومي والقضائي ، في مناخ تمكنت خلاله القيادات التي فقدت الكثير من حضورها خلال إنتفاضة السنة الماضية من إستعادة شوارعها ، وغعادة تكوين مضمون لقضايا وعناوين تمسك من خلالها بهذه الشوارع ، ما يجعل الفوضى ممرا إلزاميا أمام اللبنانيين قبل ان تتيح لهم التسويات الإقليمية والدولية ، المرتقبة ، إذا صدقت التوقعات، وكان حظ اللبنانيين جيدا ، لتمنحهم فرصة التنفس مجددا .
يختم المصدر بالقول ، أن اللبنانيين الذي خسروا اجتماعهم حول الليرة ويخسرون اجماعهم حلو القضاء ، لم يعد لديهم سوى الجيش الذي يخشون من أن يكون الذهاب بهم الى الفوضى مدخلا لإضعافه ، خصوصا أن تداعيات الإنهيار القوة الشرائية لليرة وتدهور الوضع الإجتماعي سينعكس حكما على المؤسسات العسكرية والأمنية ، ودعا المصدر لأن يضع كبار المسؤولين كل هذه المخاطر أمامهم ويتساءلوا عما إذا كانت المواقف السياسية والحسابات الخاصة التي يقفون خلفها تستحق المخاطرة بأخذ لبنان واللبنانيين الى الكارثة بعيون مفتوحة ؟
2020-12-16 | عدد القراءات 1671