الفوضى سياسية وإقتصادية وقضائية كتب ناصر قنديل

الفوضى سياسية وإقتصادية وقضائية

كتب ناصر قنديل

-         لا يخفى على كل مسؤول وحريص على مستقبل البلد أن إنتظار المعجزات والعجائب لن يفعل سوى جعل لبنان أقرب للسقوط ، وأن أي إنتظار لمبادرات خارجية يعني التعويل على حسابات يعرف الجميع انها ليست مجانية ولا مكرمات ، بل هي تعابير عن مصالح سيكون للبنان فرصة الإفادة منها بأثمان أقل إذا كان جاهزا داخليا للتفاعل معها من موقع القدرة على الفعل .

-         على مستوى الداخل اللبناني يبدو لبنان على الصعيد السياسي كسفينة تتقاذها الأمواج ، بلا وجود لمشروع ورؤية يتحكمان بإدارة الدفة بين هذه الأمواج ، فلا حكومة ولا أفق بولادة حكومة سريعا ، والحكومة هي رأس السلطة السياسية وفقا لنص الدستور ، وبغيابها لا يمكن الحديث عن رسم سياسات لبنانية ، والغياب معلوم الأسباب وهو تعدد  السياسات وتصادمها ، وتباين المصالح وتعاظمها ، ولعل لبنان هنا أشبه  بعربة لها أكثر من مقود وأكثر من سائق ، وكل يحاول إدارة العجلات بإتجاه مختلف .

-         على الصعيد الإقتصادي الحال ليس أحسن بل ربما يكون أسوا مما هو على الصعيد السياسي ، فكل شيئ يقول ان لبنان يتجه بسرعة نحو الأسوأ ، وأن نفاد المدخرات العامة والخاصة سيضع لبنان في مواجهة المجهول ، وهو لم يعد بعيدا ، والمفاضلة بين رفع الدعم وترشيده واستعما لالاحتياط الإلزامي هي مفاضلة بين سقوط اليوم أو سقوط الغد ، والحال أشبه بعربة فقدت الكوابح وهي تسير في منحدر شديد ، ومعلوم سلفا أن ساعة الإرتطام قادمة .

-         على الصعيد القضائي رغم محاولات تظهير حضور القضاء في ملفات مهمة وحساسة ، كتفجير المرفأ وملاحقة الفساد ، ففي الخلاصة لا يبدو المشهد مطمئنا ، فالإنقسام العام على مستوى القيادات والناس طائفيا وسياسيا ، لم يعد بعيدا عن إصابة النظرة الى الأداء القضائي ، حيث لا إجماع لبناني على نظرة موحدة في تقييم التعامل القضائي مع الملفات الموضوعة على الطاولة ، ولا إجماع حول وجود منهجية قانونية بعيدة عن السياسة تحرك القضاء ، وتساؤلات حول مدى وجود وحدة موقف قضائي تعبر عن وجود هذه المنهجية ، في ظل الكثير من الإشارات التي حملت تضاربا في إتجاه التعامل القضائي مع عدد من العناوين .

-         الفوضى هي التي تختصر حال لبنان ، بما يمنح المصداقية للوصف الذي أطلقه وزير الخارجية الفرنسية لتشبيه لبنان بسفينة تيتانيك الذاهبة للغرق الحتمي ، ويبقى الأمن وحده بعيدا عن الفوضى لكنه مع هذه الفوضى السائدة في كل ما حوله ليس بمنأى عن خطرها .

2020-12-19 | عدد القراءات 1692