إيران لم تنتظر ...إمساك زمام المبادرة نقاط على الحروف ناصر قنديل
في اللحظة الإقليمية الدولية الشديدة التوتر ، ومناخات التصعيد المفتوحة على مخاطر المغامرات العسكرية الأميركية والإسرائيلية عشية نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، إختتمت إيران إحياء الذكرى السنوية الأولى لإستشهاد القائد في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني ، ولم تنتظر أن يرسم أعداؤها السيناريوات لسياق الأيام الخمسة عشرة المتبقية ، قبل النهاية الرسمية لولاية ترامب ، فأقدمت إيران على فتح ثلاثة منصات للمواجهة ، ستلزم الأطراف المعنية بالأمن في المنطقة وبالملف النووي الإيراني للتعامل مع التصعيد من بوابتها ، الأولى هي منصة المناورات التي تبدأ اليوم بمناورة للطائرات المسيرة ويتوقع ان تتبعها مناورات مماثلة على أسلحة أخرى تبقي الجاهزية عالية وتلزم الأطراف المقابلة بالتحسب لتحول المناورات إلى أعمال هجومية ، والثانية هي المباشرة بتنفيذ قرار رفع التخصيب الى نسبة ال20% ، ويتوقع ان يتبعها ادخال نماذج جديدة من أجهزة الطرد المركزي شديدية السرعة في التخصيب خلال أسبوع لاحق ، والمنصة الثالثة هي حرب الناقلات التي بدأتها هذه المرة من بوابة حجز ناقلة كوريا جنوبية اتهمتها بتلويث مياه الخليج ، وكوريا الجنوبية هي التي تحتجز أصولا إيرانية بمليارات الدولارات .
بالتوازي مع المنصات التي فعلتها إيران وفرضت من خلالها عناوين المواجهة ، يجد الرئيس ترامب أنه ملزم بمنح الأولوية لمواجهته الأميركية الداخلية ، حيث الحزب الجمهوري يقدم الإشارات المتلاحقة لتخليه عن ترامب في تصويت الكونغرس على نتائج الإنتخابات وتكريس فوز الرئيس المنتخب جو بايدن ، بعدما فشلت محاولات قانونية لإنتزاع حكم يفوض نائب الرئيس مايك بنس كرئيس لمجلس الشيوخ بمهمة التحقق من النتائج قبل التصديق عليها ، وفشلت محاولات الضغط على النواب الجمهوريين عبر تكتل يضم أحد عشر شيخا يقفون وراء ترامب من أصل 51 عضو جمهوري في مجلس الشيوخ ، والرهان على عمل خاطف يقوم به ترامب او حليفه بنيامين نتنياهو يتراجع مع تفعيل منصات المواجهة الإيرانية ، وهي منصات ستتكفل بجذب الإنتباه الدولي ، وفرض حضورها كعناوين تؤكد إمساك غيران بزمام المبادرة بعكس الإيحاء المعاكس .
اذا كانت خطة ترامب نتنياهو بالذهاب الى التصعيد وصولا لقلب الطاولة ، فعليهم أن يفكروا كثيرا ، لأن مياه الخليج ستكون ساحة مناورات إيرانية متلاحقة تضعف القدرة على تحقيق ضربة خاطفة ، ولآن العالم المهتم بأمن الملاحة سيكون معنيا بالضغط لمنع أحداث تعرض الناقلات المحتجزة للخطر، وقد لاتبقى الناقلة الكورية وحيدة ، ولأن مراكز العمل النووي الإيرانية ستكون أشد تحصينا خصوصا أن المنشأة التي أسندت إليها قيادة المهمة هي منشأة فوردو الأشد تحصينا والتي لا يمكن الفوز بإستهدافها ويفقد إستهداف غيرها أي قيمة في ظل هذا التطور .
بالتزامن يبدو العراق ساحة تتحرك بسرعة هي الأخرى لتكون ساحة المواجهة المباشرة مع الأميركيين ، حيث عملية سامراء أمس التي استهدفت رتلا لقوات الإحتلال الأميركي شكلت تحولا نوعيا في المسار الأمني العراقي ومسار المواجهة بين القوات الأميركية وقوى المقاومة ، بعد مسيرات حاشدة شهدتها العاصمة العراقية بغداد في ذكرى غستشهاد القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس تحت عنوان المطالبة بالرحيل الأميركي كترجمة للثأر للشهدين.
على الجبهة الفلسطينية مناورات الركن الشديد ، قالت لنتنياهو أن عليه التحسب من الرهان على مغامرة عسكرية تورط المنطقة بحرب يكون الأميركي في قلبها ، لأن الأمن الإسرائيلي بات مكشوفا لقوى المقاومة وفي حرب كهذه ستكون الأخطار أكبر وأعلى .