السيد نصرالله يغير وجهة النقاش نقاط على الحروف ناصر قنديل
في الملفات التي تناولها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نجح في تقديم مطالعات تغير وجهة النقاش في أغلبها ، فإن كان الإستهداف الإعلامي والسياسي للحزب وللمقاومة بحسابات لا تتعلق بالمنطق والإقتناع ، ولن يغير قول الحقائق فيها شيئا بالنسبة للذين ينفذون إلتزامات أخذوها على أنفسهم تجاه جهات دولية وإقليمية ، فإن الكثير من الملفات التي تناولها السيد تدور حولها معارك رأي عام ، والتأثير بقناعة اللبنانيين حولها يشكل نقطة الإنطلاق في تغيير وجهة النقاش .
بداية من مقاربة السيد نصرالله لمخاطر تفشي كورونا ، التي ختم بها إطلالته ، خاطب السيد آخر مكان يمكن أن يمنحنا الأمل بالسيطرة على تفشي والباء بصورة دخلت مرحلة الخطر الشديد ، وهو وجدان الناس الإنساني والديني والوطني ، وعسى يحذو الآخرون حذوه حيث لهم تأثير من قادة روحيين وسياسيين ، فقد دخلنا مرحلة السقوط القاتل وبتنا بحاجة لمعجزة توقف هذا الإنهيار ، لكن ما قاله السيد في هذا المجال هو أقل ما قاله تأثيرا في تغيير وجهة النقاش .
في قضية الإتهامات التي يوجهها الإعلام الخليجي وتوابع له لبنانية لحزب الله بالتورط بجرائم تهريب المخدرات ، أصاب السيد خصومه إصابة قاتلة في الكشف عن غياب أي إتهام إيطالي للحزب ، وكل ما جرى التداول به لا يتعدى كونه كلام منشور في صحف أميركية وإسرائيلية ، بينما أمام القضاء الإيطالي والتحقيق الإيطالي فإن الإتهام يدور حول داعش أو مافيا إجرامية ، ومثلها في قضية القرض الحسن ، فقد قدم السيد مطالعته التي ترافعت عن المؤسسة التعاونية المالية غير الربحية ، مجيبا على طريقته تساؤلات خبيثة طرحها سياسيون حاولوا التلاعب بعقول الناس بداعي الظرف ، فوعدهم السيد بقرض مع كفيل ، أو فتح فروع حيث تفتح المناطق .
تغيير وجهة النقاش تصاعديا ، مر نحو التحقيق في المرفأ ، سواء بمطالبة قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي بالإفراج عن نتائج التحقيقات التي لديهم وما فيها من أجوبة حول كيف تم التفجير ، وهل هناك عمل تخريبي ، وما هي طبيعته ، متسائلا عما إذا كان لطلبه جواب ، متوجها للمحقق العدلي سائلا عن الهدف الأهم للتحقيق وهو لحساب من جاءت هذه النترات ، ومن هو المرسل ، وهل هي لحساب جهات للإستخدام كمتفجرات ومن هي هذه الجهات ، وبعد هذين البعدين الأهم في كل التحقيق يأتي دور التقسير والمسؤولية الإدارية ، مقدما إتهاما للمحقق العدلي بالإستنساب خدمة لمعادلة 6 و6 مكرر الطائفية بغير وجه حق ، وبالإنصات لبعض التصفيق ومراضاة بعض المحتجين ، متسائلا ، لو قدم المحقق العدلي الأجوبة على الأسئلة الحقيقية ، ومنها دخل الى التقصير ولم يراع أحدا ، وأدعى على الجميع لوقف كل اللبنانيون معه .
بذات قوة مقاربة السيد لملف التحقيق في المرفأ جاءت مقاربته لملف الفساد بوضع ثنائية التساكن مع الفساد منعا للإنتقام السياسي أو قبول فتح ملفات على طريقة تصفية الحسابات ، عنوانا لسبب التعثر في مكافحة الفساد ، داعيا للخروج من هذه الثنائية ، فلا التعايش مع الفساد مقبول ولا الإستنساب مقبول ، مقترحا حلا يقوم على وضع معيار واحد ، كالبدء من الوزارات السيادية ، أو الخدماتية ، أو من سنة معينة ، أو المصالح المستقلة والمؤسسات العامة والصناديق ، بحيث يفتح الباب لكل معلومات تتصل بالعنوان المقر والمتفق عليه ، وهذا لا يعني أي شبهة للإستهداف .
يضل السيد نصرالله الى الملف الحكومي ، فلا يتبنى موقف فريق ، وبمقدار ما ينفي وجود حساب لدى حزب الله بإنتظار تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن يتجاوز سجاليا الأمر ، ليقول تعالوا حتى العشرين من الشهر الجاري ، والموعد يقترب ، نضع الجهود لمعالجة المشاكل المحلية التي تعترض طريق ولادة الحكومة ، فهناك مخاوف مشروعة وعدم ثقة ، يحتاج تجاوزها الى جهود من الجميع ، واعدا بالسعي لفعل الممكن في هذا المجال .
من تابع كلام السيد ينتبه الى سعي للبحث عن حلول وتقديم فرص ، وبناء أمل ، وتخطي أزمات ، وأن لم يؤثر كلامه في مواقف القيادات ، فهو بلا شك سينجح في ترك أثر في الرأي العام .